كان كذلك لم يحسن ما قلته.
قلت: قد حكى الإمام عن الأصحاب في أن القاضي هل يقضي في التقويم باجتهاده- طريقين:
إحداهما: القطع بالمنع؛ لأن القاضي ليس له أن يقضي بما لا يتحققه ويعلمه ببصيرة نفسه، وهذا منه.
والثانية: طرد القولين في القضاء بالعلم، فإن قلنا بالجواز اندفع السؤال من أصله، وإن قلنا بالمنع فجوابه: أنا ذكرنا ذلك على سبيل الاستئناس، لا أنه دليل الحكم، وإذ قد بطل كونه مستأنساً، لم يضرنا ذلك في الجواب، والله أعلم.
وقد جمع في "الذخائر" بين هذه المسألة والتي قبلها، وقال: في اعتبار العدد لأصحابنا أربع طرق:
إحداها- وهي طريقة العراقيين-: ما ذكره الشيخ.
والثانية: إن كان فيها تقويم فلا بد من اثنين، وإن لم يكن فيها تقويم فقولان.
والثالثة: أن المسألة على قولين من غير تفصيل:
أحدهما: يكتفي بواحد؛ كالقاضي.
والثاني: لا بد من اثنين.
والرابعة- قالها صاحب "التقريب"- إن تعلقت القسمة بصبي أو مجنون، فلا بد من العدد، وإلا فلا.
وهذا الذي ذكره يفهم: أن القسمة إذا كان فيها تقويم يجيء فيها الطريقة الثالثة والرابعة، ولم أرهما في غيره.
قال: وإن كان فيها خرص، ففيه قولان:
أحدهما: يجوز واحد؛ لما روت عائشة- رضي الله عنها- "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصاً؛ فَكَانَ يُخَيِّرُ اليَهُوْدَ، فَيَقُولُ: إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي".
ولأن الخارص لا يخلو عن نوع مجازفة، فلو فرضنا خارصين، لبعد اتفاقهما،