والثاني: لا يجوز إلا اثنان؛ إلحاقاً له بالتقويم؛ لشبهه به.
قال الإمام: وهو القياس؛ فليس يتجه بين المقوم والخارص فرق؛ فإن كل واحد منهما يبني قوله على التخمين والحدس مع الاستمساك ببصره عنده.
والقائلون بالأول- وهو الصحيح عند النواوي وغيره- فرقوا بأن الخارص يجتهد، ويعمل باجتهاده، فكان كالحاكم، والمقوم يخبر بقيمة الشيء، فهو بمنزلة الشاهد؛ فاحتيج إلى اثنين.
أما إذا لم تكن القسمة [بأمر] الحاكم، بل المفوض لها الشركاء- ففي "الحاوي"، و"البحر": أنهم يحملون في العدد على ما اتفقوا عليه من واحد أو اثنين؛ كما حملوا فيه على اختيارهم القاسم وإن لم يكن مختاراً. قالا: ولا يقبل الحاكم قول هذا القاسم؛ لأنه ليس بنائب عنه، ولا يسمع شهادته؛ لأنه شاهد على فعل نفسه.
وسيأتي الكلام في هذا، إن شاء الله تعالى.
فرع: حيث قلنا: يكفي قاسم واحد، يقبل الحاكم قوله وحده؛ لاستنابته له؛ كما يقبل قول خلفائه. وحيث قلنا: لابد من اثنين، لم يقبل قول الواحد، وقبل قول الاثنين؛ قاله في "الحاوي"، و"البحر".
ثم قال الروياني: ولا يفتقر القاسم إلى لفظ الشهادة، وقال بعض أصحابنا: فيه وجهان، وليس بشيء. وكأنه- والله أعلم- يشير إلى الفوراني؛ لأن الوجهين في "الإبانة".
قال: وأجرة القاسم- أي: المنصوب من قبل القاضي- من بيت المال- أي: من سهم المصالح- لأن نصيبه من المصالح.
قال القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ: وللإمام أن يستأجره بأجرة مقدرة، أو يجعل له رزقاً راتباً؛ لأنه بمنزلة الحاكم، وقد كان لعلي- كرم الله وجهه-