للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا يجوز أيضاً؛ بناء على هذا؛ لأن الذي امتازت به هذه الصورة عما ذكرناه- إن كان الحاكم قد فوض أمر التقويم إليهما- موافقة أحدهما للآخر في الاجتهاد، وذلك لا يوجب ثبوت القيمة التي يترتب عليها القسمة، وإنما قلنا: إنها لا توجب ثبوت القيمة؛ لأن كل واحد منهما في نفسه قد قلنا: إنه لا يجوز أن يعتمد في حكمه بالقيمة على اجتهاده خاصة، وصاحبه إن شهد عنده بشرط الشهادة فلا تثبت القيمة به وحده؛ فإنه لا خلاف على المذهب: أنها لا تثبت بأقل من اثنين؛ فلم يوجد ما يقتضي الثبوت.

ولا يقال- أيضاً-: بتخريج الحكم في مثل هذه الصورة بالقيمة، على خلاف سبق ذكره في أنا إذا قلنا: لا يقتضي القاضي بعلمه، فشهد شاهد عنده بما علمه، هل يقضي إذ ذاك أم لا؟ لأن المستند ثم العلم، وهاهنا هو ظن.

ولا خلاف عندهم: أن القاضي لا يقضي بظنه المستند إلى [غير] قول شاهدين، أو شاهد ويمين، ونحوهما، إلا في التعديل- على رأي قطع به بعضهم – لاتساع النظر في التعديل والجرح، وخروجهما عن الضبط، وليس التقويم كذلك؛ فإنه أمر قريب من الضبط، والرجوع فيه إلى معرفة قيم الأمثال مع تداني الصفات.

وطريق الجواب: أن يقال: ما ذكره الإمام وغيره من منع تفويض الحكم في التقويم إلى شخص باجتهاده، مفروض فيما إذا فوض إليه التقويم خاصة؛ ليخبر به القاسم أو الحاكم، أما إذا كان هو القاسم فقد يمنع ذلك؛ فإن ثبوت القيمة يقع تبعاً، والتابع قد لا يشترط فيه ما يشترط في المقصود، ويستأنس لذلك بأن الإمام جزم القول بأن القاضي لو فوض إلى شخص التزكية، لا يجوز أن يحكم فيها باجتهاده؛ لأن حاصل ذلك يرجع إلى رد شهادة مزكيين إلى واحد، وذلك غير محتمل فيما يشترط فيه العدد، وجزم هو وغيره بأن للقاضي أن يحكم في التعديل باجتهاده؛ ففرق بين أن تقع التزكية مقصودة، وبين أن تقع تابعة لغيرها، فكذلك نقول هاهنا.

فإن قلت: باب التقويم مغاير لذلك؛ فإن الأصحاب سووا فيه بين من فوض إليه التقويم وبين القاضي في كون كل واحد منهما لا يقضي [فيه] باجتهاده، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>