للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: لا يجوز أقل من قاسمين؛ كما لا يجزئ أقل من مقومين، وكما لا يجزئ في جزاء الصيد أقل من مجتهدين، ولا يمتنع إذا كان القاسم كالحاكم أن يجمع فيه بين اثنين؛ كما قال- تعالى-: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥].

والغزالي حكى القولين، [وقال: إن] مأخذهما أن منصبه منصب الحاكم، أو منصب الشاهد؟

وحكى الماوردي عن بعضهم: أنه منع الخلاف في المسألة، ونزل النصين على حالين؛ فقال: إن كان في الشركاء طفل أو غائب لا يجيب عن نفسه لم يجزئ أقل من قاسمين، وإن كانوا حضوراً يجيبون عن أنفسهم، أجزأ قاسم واحد.

وفي "النهاية": أن صاحب "التقريب" قال: إن كان في الشركاء طفل، أو مجنون، فلا بد من قاسمين، وإن لم يكونا فعلى قولين. ثم قال: و [هذا] ليس فقهاً متيناً؛ فإن ما يدعى من العدد في البينات لا يختلف بأمثال [ما] ذكره.

وبهذه الطريقة يتحصل في المسألة أربعة طرق.

قال: ون كان [فيها] تقويم، لم يجز إلا قاسمان، لأن التقويم لا يثبت إلا باثنين؛ [وهذا ما] حكاه الماوردي، والبندنيجي، وصاحب "التهذيب"، و"الكافي"، و"البحر"، وقضيته: أن الحاكم لو فوض للقاسم سماع البينة بالتقويم، وأن يقسم وحده بعد ثبوت ذلك عنده- أنه [لا] يكتفي بذلك، وقد قال الإمام: إن ذلك سائغ، وعليه ينطبق ما حكيناه عن القاضي أبي الطيب وغيره عند الكلام في صفة القاسم.

[ثم قد ينقدح] على ما قاله الشيخ وغيره [سؤال وجواب] يتحرك بهما فوائد، فيقال: فلو فوض الحاكم إلى مقوم أن يحكم بالتقويم باجتهاده، لم يكف؛ كما رآه الإمام، ولم يحك سواه، وتبعه الغزالي في ذلك.

وإذا كان كذلك فينبغي إذا كان القاسمان هما المقومان- كما هي صورة الكتاب-

<<  <  ج: ص:  >  >>