للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن كانوا عدولاً، وارتاب بهم؛ أي: لكونهم غير وافري العقول؛ كما قاله أبو الطيب والبندنيجي [وغيرهما]، أو لنظر له في الواقعة وخبال قد يدركه الفطن؛ كما قاله الإمام.

قال: استحب أن يفرقهم فيسألهم؛ أي: على الانفراد، كيف تحملوا؟ أي: [فيقول لهم: من تحمل منكم أولاً؟ وثانياً؟ ومتى تحملوا أي]: فيقول: في أي شهر تحملتم؟ [وفي أي يوم؟ وفي أي ساعة؟ وفي أي موضع تحملوا؟ أي: فيقول: في أي بلد تحملتم؟] وفي أي دار، وفي أي مكان [منها]؟ لأن مع قصور العقل وخبال النفس لا تطيب النفس بقولهم؛ فاستحب الاحتياط بالتفريق على هذا النحو؛ ليقوى به ظهور الحق عند التوافق.

قال الماوردي وابن الصباغ: وقد قيل: إن أول من فعل هذا دانيال النبي عليه السلام.

وقال القاضي أبو الطيب: إن الأصل فيه أن حاجب داود راود امرأة عن نفسها، فأبت عليه؛ فواطأ أربعة من الشهود أن يشهدوا عليها بأن كلباً أتاها، فشهدوا عند داود- عليه السلام- فأمر بإقامة الحد عليها، وبلغ ذلك سليمان- عليه السلام- قال الماوردي والروياني: وكان إذ ذاك يلعب مع الصبيان، فقال: لو كنت أنا لفرقتهم، وقال لأربعة من الصبيان: اشهدوا عندي على امرأة بأن كلباً أتاها، فشهدوا عنده بذلك، ففرقهم، فسأل كل واحد عن لون الكلب، فاختلفوا؛ فأسقط الشهادة، فبلغ ذلك داود، فاستدعى الشهود، وفرقهم، فاختلفوا؛ فأسقط شهادتهم.

وقد اقتفى علي- كرم الله وجهه- هذا الأثر لما بلغه أن سبعة خرجوا، ففقد واحد منهم، فأتت زوجته إليه، فاستدعى الستة فسألهم عنه، فأنكروا، ففرقهم، وأقام كل واحد منهم عند سارية، ووكل به من يحفظه، واستدعى واحداً منهم، فسأله، فأنكر، فقال: الله أكبر! فظن الباقون أنه قد اعترف، فاستدعاهم، فاعترفوا بقتله، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>