ثالثها: يجب الحكم في حقوق العباد، ولا يجب في حقوق الله تعالى.
[ورابعها: يجب في حقوق الله تعالى] ولا يجب في حقوق الآدميين، وعلى هذا ينطبق إقامة حد الزنى ونحوه عليهم، وإن لم يرضوا بحكمنا كما تقدم.
وخامسها: يجب فيما ثبت بغير التراضي، ولا يجب فيما ثبت بالتراضي وهذا كله إذا اتحدت ملمتها، أما لو اختلفت فطريقتان:
منهم من قال: في وجوب الحكم القولان – أيضا – وهي طريقة أبي إسحاق.
ومنهم من جزم بالوجوب، وهي طريقة ابن أبي هريرة، وقال الإمام في نكاح المشركات. إن عليها معظم الأئمة. وصححها الرافعي، ولم يحك القاضي الحسين في هذا الكتاب سواها، وقال: إنه لا يختلف المذهب في ذلك.
قال الإمام: والقائل بهذه عول في الفرق على أن المختلفين قد لا يجتمعان على حاكم؛ فيؤدي إلى أن تبقى الخصومة ناشبة، وهذا يتحقق بين المتفقين، وفي ذلك [فضل] نظر، وهو أنه إذا لم يكن لأهل الذمة في بلد الخصومة حاكم فما قرره الأصحاب من دوام الخصام في المختلفين محقق هاهنا؛ فيلزم على موجب ذلك: أن يجب على حاكمنا الحكم إذا لم يكن لهم حاكم، وكذا إذا كان وامتنع [أحد الخصمين]؛ إذ يبعد أن يلزمهم حكم الكفر، ويكون وزير حاكمهم حتى يعدى من جهتهم.
ومن تأمل ما ذكرته علم ضعف القول بعدم الوجوب، والطريقان جاريان فيما إذا ترافع إلينا ذمي ومعاهد، لكن الأظهر هنا طرد القولين، وهي التي أوردها ابن الصباغ في نكاح المشركات، والمذكور في "تعليق" القاضي الحسين: [طريقة] الجزم.
وفي "الحاوي" في كتاب الجزية الجزم بعدم الوجوب؛ تغليبا لحكم الإسقاط. ومحله – كما نبه عليه في كتاب السرقة – إذ لم يكن بسبب قصاص وغضب؛ فإن كان وجب قولا واحدا؛ كما ذكره في السرقة.