بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩]، وهذا أمر، [وظاهر] الأمر يقتضي الوجوب، ولأنه يلزمه أن يدفع عنهم من قصدهم من مسلم أو ذمي أو حربي؛ فلزمه أن يحكم بينهم كالمسلمين، وهذا أصح عند الماوردي والإمام البغوي والروياني وغيرهم، واختاره المزني.
والثاني: لا يجب؛ لأنهم كفار فلم يجب الحكم بينهم؛ كما لو كانوا معاهدين، وقد دل الكتاب العزيز على عدم وجوب الحكم بين أهل العهد بقوله تعالى:{فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}[المائدة: ٤٢]؛ فإنها نزلت في يهود المدينة الذين هادنهم النبي ? وهم قريظة وبنو النضير وبنو المصطلق من غير جزية، قال الشافعي – رضي الله عنه –: ولا أعلم مخالفا بين أهل العلم فيه. وهذا ما [نص عليه في الجديد كما حكاه القاضي الحسين، وهو المذكور في "المختصر"، و] اختاره الشيخ أبو حامد وابن الصباغ، وقد اختلف في محل القولين على طرق حكاها ابن الصباغ وغيره في نكاح المشركات:
أحدها: أنهما في حقوق العباد، فأما حقوق الله تعالى فتجب قولا واحدا.
والثاني: أنهما [في حقوق الله تعالى، فأما] في حقوق العباد فتجب قولا واحدا.
والثالث – وهو أظهرها على ما حكي [عن] الشيخ أبي حامد -: طرد القولين في الحالين.
وحكى الماوردي في كتاب السرقة طريقة [أخرى]، وهي أن ما تحاكموا فيه إن ثبت بغير مراضاة [الخصمين]: كالقصاص في الجنايات، والغضب في الأموال – لزمه استيفاؤه؛ لأن دار الإسلام تمنع من التعدي والتغالب، وإن كان عن مراضاة كديون المعاملات؛ ففي وجوب الاستيفاء القولان.
وعند الاختصار يجيء في حقوق الله تعالى والعباد خمسة أقوال:
منها ثلاثة [أقوال] حكاها الماوردي في باب حد الذميين.