إن قلنا بالأول، فإذا استعدى خصم على خصم وجب أعداؤه وإحضار الخصم؛ ليحكم بينهما، ووجب على المعدي إليه الحضور، وإن قلنا بالثاني لم يجب الإعداء.
قال القاضي الحسين هنا: بل لا يجوز له ذلك. وقال في كتاب اللعان: إنا على هذا نجبرهما على الترافع إلى حاكم أهل دينهما، ولا نمكنهما من التخاصم والتواثب. وهذا ما أشار إليه الإمام واستبعده.
ثم إذا أعدى القاضي كان المعدي إليه بالخيار [في الحضور]، ولا يحضر جبرا، قال القاضي الحسين: وإذا حضر فلا يحكم عليه ما لم يرض بحكمنا، فإذا رضي به حكم.
قال الإمام: وينفذ حكمه، ولا خيرة له بعد ذلك الحكم.
وفي "المهذب": إنه إذا حكم لم يلزم [ذلك] الحكم.
قال ابن يونس: إلا إذا التزموه بعد الحكم. وهذا موافق لما سنذكره عن الماوردي في أهل الهدنة.
قلت: ويمكن أن يكون مأخذ اختلاف النقلين [اختلاف القولين] في أن حكم المحكم يلزم بنفسه، أو لابد من التراضي عليه بعد الحكم؟ على أنه [لو] رتب ذلك فيل: إن قلنا: إن حكم المحكوم ينفذ بنفسه بعد حكم الحاكم هنا، على القول بعدم وجوب الحكم عليه؛ فرضاهما ابتداء بالحكم من طريق الأولى، وإن قلنا بتوقف نفوذ حكم المحكوم على التراضي به [بعد الحكم]، فهاهنا [أولى، وهو] محل النظر؛ فيجوز أن يقال بالتوقف أيضا، ويجوز أن يقال: لا؛ لأن الحاكم أهل للحكم بالجملة بخلاف المحكم – لم يبعد، والله أعلم.