فرع: لو تحصنوا ببلدة، ولم يتأت الاستيلاء عليها [إلا بهذه الأسباب [العظيمة الأثر، فإن كان فيها رعايا لا بغي منهم لم يجز توجيه هذه الأسباب][عليها]؛ محافظة عليهم، وإن لم يكن فيها إلا الباغون المقاتلون فقد حكى الغزالي فيه تردداً.
وقال الإمام: الذي أراه المنع؛ لأن الإمام ينظر للمسلمين، وتَرْك بلدة في أيدي طائفة من المسلمين – وربما قدر على احتيال في المحاصرة والتضييق – أقربُ إلى الصلاح من اصطدام الأمم.
قال: ولا يستعين عليهم بالكفار؛ لقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}[النساء: ١٤١]، ولأن المقصود كف شرهم وردهم إلى الطاعة، وهؤلاء يتديَّنون بقتل مقبلهم ومدبرهم والمجروحين والمأسورين، ويرون ذلك قربة وطاعة؛ فلا يحصل المقصود بهم.
قال: ولا بمن يرى قتلهم مدبرين، أي: وهم الحنفية؛ لما يلزم من الكف عنهم إذا انهزموا، وهكذا أطلقه المزني، وهل هذا المنع منع تحريم أو منع ندب واستحباب؟ فيه وجهان في "الحاوي"، وما أطلقه المزني [والشيخ] محمول على ما إذا لم تدع الضرورة إليه، أما إذا دعت إلى ذلك؛ لعجز أهل العدل عن مقاومتهم جاز ان يستعين بهم على ثلاثة شروط: ألا يجد عوناً غيرهم، وأن يقدر على ردهم إذا انهزم أهل البغي، بأن تكون له هيبة تمنعهم من مخالفته، وهذان الشرطان اقتصر عليهما القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ، والثالث – قاله الماوردي، [وهو]-: أن يثق بما شرطه عليهم: ألا يتبعوا مدبراً، ولا يجيروا على جريح. قال: فإن فقد شرط من هذه الثلاثة لم تجز الاستعانة بهم. وعند غيره المعتبر في المنع فَقْد أحد الشرطين الأولين.
[قال الرافعي]: ولفظ "التهذيب" يقتضي جواز الاستعانة إذا وجد أحدهما، ولفظ القاضي الحسين يقتضي جواز الاستعانة إذا وجد الشرط الثاني؛ فإنه قال: أطلق المزني منع أهل العدل [من] الاستعانة بمن يرى قتلهم مدبرين. ثم قال: