للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القاضي] ابن كج بالنقل والتخريج، واتفق النقلة على أنه لو كتفه وألقاه في أرض مسبعة؛ فافترسه السبع – أنه لا قود عليه؛ لأنه لم يلجئه إلى قتله، وكذا لا دية؛ كما في الممسك مع القاتل، صرح به الماوردي، وغيره، وحكى وجه: أنه يجب الضمان إذا كان المطروح صغيراً لا يقدر على الانتقال.

وفي "المهذب": الجزم بوجوب الدية مغلظة إذا كان المطروح رجلاً؛ لأن ذلك شبه عمد، وبوجوبها مخففة إذا كانت الأرض غير مسبعة، فافترسه السبع؛ لأنه قتل هخطأ.

ولا فرق في السبع الذي ذكرناه بين أن يكون أسداً، أو نمراً، أو كلباً عقوراً. والحيات التي تقتل – غالباً – حيات الطائف، وكذا أفاعي مكة، وثعابين مصر، والعقارب التي تقتل – غالباً – عقارب نصيبين.

قال:"وإن لم يقتل غالباً" أي: كالذئب كما قاله البندنيجي، وحيات الماء، والحجاز، وعقارب مصر "ففيه قولان:

أصحهما: أنه لا يجب"؛ لأنه لم يظهر منه قصد القتل، وهذا وافق الشيخ على تصحيحه البغوي والروياني والقاضي أبو الطيب.

والثاني: يجب؛ لأنه نهشه ذلك يشق الجلد، ويرتقب منه الغور والنكاية؛ فكان كالجرح، وقد وافق الشيخ على حكاية القولين [هكذا الماوردي].

وحكى الإمام أن الأصحاب قالوا: الحكم في هذه المسألة كالحكم فيما لو غرز إبرة. وقد سبق تفصيله، وأن هذا حسن بالغ.

فرع: إذا حبسه مع حية في مكان ضيق؛ فقتله – لا قصاص عليه ولا دية.

وحكى القاضي ابن كج قولاًك أن ذلك كالجمع بينه وبين السبع في بيت.

قال:"وإن أكره رجلاً على قتله"، أي: بغير حق؛ فقتله –"وجب عليه القود"؛ لأنه أهلكه بما يقصد به الهلاك- غالباً – فأشبه ما إذا رماه بسهم فقتله.

قال القاضي أبو الطيب: ولأن المكره على الفعل بمنزلة المباشر له؛ بدليل أن المطلوب نفسه يحل له أن يدفع عن نفسه، وهو مخير بين أن يقتل الآمر، أو المأمور أو هما معاً، وإذا كان كذلك فهو لو باشر القتل على وجه العمد وجب عليه القصاص؛ كذلك هاهنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>