للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه يجتمع في المسألة ثلاثة أوجه؛ كما صرح به الماوردي قبيل باب اصطدام الفارسين، وحكاه ابن يونس:

أحدها: أن الضمان على القاد؛ فيضمنه بالقود أو الدية.

والثاني: أنه على الملقى؛ فيضمنه بالقود والدية.

والثالث: أنهما يضمنانه [جميعاً] بالقود والدية، والله أعلم.

قال:"وإن طرحه في زُبية فيها سبع؛ فقتله، أو امسك كلباً؛ فأنهشه؛ [فمات]، أو السعه حية أو عقرباً يقتل مثلها غالباً، فقتله – وجب عليه القود: أما في الأولى؛ فلأنه ألجأ السبع إلى قتله؛ لأنه يثب بطبعه في المضيق، ويقصد؛ فوجب عليه القود؛ كالمكره، وأما في الباقي؛ فلأن ما ذكره آلة له في القتل؛ فهو كالسيف.

والزبية – بضم الزاي، وإسكان الباء ثانية الحروف -: حفرة تحفر للأسد؛ ليصاد فيها، وجمعه: زبي، بضم الزاي، و [في] معناها كل مضيق.

وألحق بذلك ما إذا عرضه لافتراس السبع، وهدفه له، حتى صار السبع كالمضطر إليه؛ [كما حكاه ابن كج عن النص، وجزم به أبو الطيب، أما إذا لم يلقه على السبع] في مضيق، ولا هدفه له – فقد أطلق معظم الأصحاب القول بأنه لا قصاص، وحكوه عن النص. ووجهوه بأن السبع لا يقصد الآدمي في الموضع الواسع إلا قصد الدافعين، ويمكن التحرز عنه والفرار عنه.

وعن القاضي الحسين وغيره: أن السُبع إذا كان ضارياً شديد العدو، وكان لا يتأتى الهرب منه في الصحراء، أو كان الشخص قصير الخطوة عن وثبة السبع – أنه يجب عليه القود، وهو ما أجاب به الماوردي، وقال: إنه يكون بمثابة من أرسل سهماً قاتلاً. والإمام جعل هذا كالبيان والاستدراك لما أطلقه الأصحاب وأرسلوه، وحكى عن صاحب "التقريب" رواية قولين في وجوب القصاص على من حبس شخصاً مع سبع؛ فقتله، واستبعد ذلك، وقد حكاهما الرافعي عن رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>