للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى القاضيان أبو الطيب والحسين أن المذهب لا يختلف في ذلك.

وحكى الرافعي: أن الشيخ أبا عاصم العبادي [حكى عن] شيخه الأستاذ أبي طاهر، عن شيخه الأستاذ أبي الوليد، عن شيخه ابن سريج: أنه لا قصاص عليه؛ لانه متسبب، والمكره مباشر مأثوم بفعله، والمباشرة تقدم على السبب.

وفي "ابن يونس" حكاية ذلك قولاً، وكذلك في "الجيلي"، ونسبه إلى "البسيط" و"تعليق" الشريف، وقد رأيت فيه إشارة إليه.

قال:"وفي المكره"؛ أي: بفتح الراء – قولان:

أصحهما: أنه يجب؛ لأنه قتله عمداً عدواناً؛ لاستيفاء نفسه؛ فوجب عليه القود؛ كما لو قتل المضطر إنساناً ليأكله، بل أولى؛ لأن المضطر على يقين من التلف؛ عن لم يأكل، وليس المكره على يقين من القتل إن لم يقتل. ولأن القصاص حكم يتعلق بالقتل؛ فوجب ألا يسقط بالإكراه؛ كالمأثم.

والقول الثاني: أنه لا يجب؛ لأنه قتله دفعاً عن نفسه؛ فأشبه [قتل الصائل]، وأيضاً فإن المكرَه آلة المكرِه؛ ولذلك وجب القصاص على المكره؛ فصار كما لو ضرب به المكره على قتله فقتله، قال البغداديون: ولأن الإكراه شبهة تدرا بها الحدود.

ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق في جريان القولين بين أن يكون المكره هو الإمام، أو نائبه، أو إمام أهل البغي، أو المتغلب باللصوصية، وذلك هو الطريقة الصحيحة في "تعليق" القاضي أبي الطيب و"مجموع" المحاملي و"الشامل" وغيرها. ومقابلها: أن محلهما إذا كان المكره هو الإمام، أو نائبه، أو من في معناه: كأمير طائفة خرجوا على الإمام بتأويل سائغ، وتغلبوا على بلده؛ كما صرح به المحاملي.

أما إذا أكرهه خلاف ذلك كإمام أهل البغي، وجب عليه القود جزماً.

والفرق: أن الإمام واجب الطاعة في الجملة؛ فأمره وإكراهه يوجب الشبهة في القصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>