للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسمك- فإنه لا يحنث، فهلا كان هذا مثله؟!

فالجواب: أن هناك عرفاً مستمراً على خلاف اللغة؛ فإنهم لا يطلقون اسم "البيض" علىب يض السمك وإن كثر عندهم، ولا اسم "الرءوس المشوية" على رءوس الطير والسمك مع كثرتها، واسم البيت المتخذ من الشعر والجلود ونحوهما لا يفهم من اللفظ عند الاستعمال؛ لفقدها وقلتها عند أهل القرى؛ فلم يتحقق عرف على خلاف اللغة، وكان ذلك كمسألة خبز الأرز، والله أعلم.

قال: وقيل: إن كان حضريّاً لم يحنث- أي: إذا كان لا يعرف بيوت البادية، كما صرح به البندنيجي، ووجهه: أن المتعارف عند أهل الحضر والمفهوم من اسم "البيت" هو المبني؛ فنزلت اليمين عليه، وهذا ما ينسب إلى ابن سريج.

ومقتضى ما ذكره البندنيجي من التصوير- مع ما ذكرناه من التوجيه-: أن البدوي إذا كان لا يعرف بيوت الحاضرة؛ فدخل البيت المبني- أنه لا يحنث، وقد جزم فيه بالحنث.

وروى المراوزة وجهاً آخر: أن الحضري القريب من البادية يحنث بدخول بيت الشعر والأدم، دون البعيد عنها.

وفي كلام ابن الصباغ إشارة إليه؛ حيث قال: الذي نص عليه الشافعي: أنه يحنث، سواءً كان بدويّاً أو قرويّاً قريباً من أهل البادية.

فائدة: قال الإمام: البدوي إذا وطن البلد، وصار يناطق أهله بما يتعارفون- فحكمه حكم القروي. والقروي إذا تبدَّى وصار يناطق أهل البادية بلغتها، فهو كالبدوي.

فروع:

لو حلف على ذلك بالفارسية، فقال: أندر خاناه بشومْ، فالذي حكي عن القفال: أنه لا يحنث ببيت الشعر والأدم والخيام؛ لأن العجم لا يطلقون الاسم عليها، بل المبني، وإن اعتبر اللفظ فاللفظ أعجمي لا يراد به الخيام، وعلى ذلك جرى الإمام والروياني وغيرهما. وفي "التتمة" حكاية وجه: أنه لا فرق فيه بين العربية والفارسية، ويكون

<<  <  ج: ص:  >  >>