ولا يجري الوجهان في التعين فيما إذا قال:"إن شفي الله مريضي، فلله علي أن أتصدق بدرهم"، أو كانت عليه زكاة، ثم عين درهماً عن نذره، أو زكاته، وادعى الإمام اتفاق الطرق على ذلك وإن كان فيه احتمال، وكأن سبب ذلك ضعف التعيين في الدرهم؛ لعدم تعلق كبير فائدة به، بخلاف الشاة؛ ولهذا جزموا فيما لو قال:"جعلت هذه الشاة أضحية" بالتعيين، وحكوا فيما لو قال:"جعلت هذه الدراهم صدقة" خلافاً؛ نعم: هما جاريان بالترتيب- أيضاً- فيما لو قال:"إن شفي الله مريضي، فلله علي أن أعتق عبداً"، ثم عين عبداً عن نذره، والتعيين في العبد أولى منه في الشاة؛ لما أشرنا إليه.
وقد نسب الرافعي القول بعدم تعين العبد في هذه الصورة في كتاب الإيلاء، ضمن فرع منه إلى المزني، وأنه قاسه على ما إذا كان عليه صوم، فنذر أن يصوم يوم الاثنين مثلاً، وأن الذاهبين إلى التعيين في العتق، اختلفوا في مسألة الصوم:
فقال ابن أبي هريرة: يتعين ذلك أيضاً: وسلمه الأكثرون، وقالوا: تعلق العتق بالعبد أشد من تعلق الصوم باليوم؛ ولذلك لو نذر صوم يوم، ففاته، قضى مكانه، ولو نذر عتق عبد بعينه، فمات، لا يعتق غيره.
ولأنه تعلق للعبد به حق، وإن القاضي الحسين في تقصيه هذا الفرق، قال: لو نذر أن يصرف زكاته إلى أشخاص معينين من أصناف الزكاة، تعينوا؛ رعاية لحقهم.
والأكثرون قالوا: لا يتعينون، وسيأتي في باب النذر في موضعين منه، أو أكثر شيء يتعلق بما نحن فيه؛ فليطلب منه.
واعلم أنه لا فرق فيما ذكره الشيخ في زوال الملك وعدم البيع بين أن تكون الأضحية المعينة بالنذر سليمة أو معيبة لا تجزئ في الأضاحي، ويدل عليه قول الشافعي- رضي الله عنه-: "لو أوجبه ناقصاً، ذبحه ولم يجزئه"، وأراد أنه لا يكون أضحية، ولكن عليه ذبحه لأنه أوجبه على نفسه، لكن هل يختص ذبحها بأيام النحر، وتجري مجرى المصرف في الضحايا؟ فيه وجهان:
أصحهما عند الإمام ومن تبعه: نعم، وهو الذي ادعي القاضي الحسين أنه المذهب؛ لأنه أوجبها باسم الضحية، ولا محمل لكلامه إلا هذا.