قال: والمستحب لمن دخل عليه عشر ذي الحجة، وأراد أن يضحي ألا يحلق شعره، ولا يقلم ظفره حتى يضحي، لما روى مسلم عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان له ذبح يذبحه؛ فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئاً من حتى يضحي". والذبح بكسر الذال: الذبيحة، وبالفتح: المصدر.
وحمل الشافعي- رضي الله عنه- ذلك على الاستحباب، لحديث عائشة- رضي الله عنها-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يهدي من المدينة، فأقبل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم"، رواه البخاري ومسلم.
وعنها:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث مع أبيها، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي"، وكان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ضحاياه؛ لأنه أقام بالمدينة، وأنفذه مع أبي بكر سنة تسع، وحكمها أغلظ؛ لسوقها إلى الحرم، فلما لم يحرم على نفسه شيئاً كان غيره أولى إذا ضحى في غير المحرم.
وعن بعض أصحابنا: أنه خرَّج وجهاً في أنه يجب تركها كمذهب أحمد حملاً لظاهر الأمر على الوجوب؛ حكاه الرافعي عن الرقم.
وقد أشار إليه القاضي أبو الطيب حيث قال: وأما قولهم: "النهي يدل على التحريم"، فعلى قول أكثر أصحابنا لا يدل على التحريم، ويحمل على الاستحباب؛