ولا فرق في ذلك بين أن يتفق ترك الأضحية مع وجودها، للنسيان، أو غيره، أو مع غيبتها؛ كما إذا ضلت.
لكن القاضي أبو الطيب قال فيما إذا ضلت، ثم وجدها بعد أيام التشريق: فإنه ينحرها، وتجزئه، ويقع ذلك موقع التضحية.
وقال فيما إذا كان قد أوجبها، ثم نسيها عنده حتى مضت أيام التشريق: فإنها لا تجزئه في الأضحية، ولكن يذبحها، ويفرقها على الفقراء، فيكون له ثواب تفرقة اللحم، دون إراقة الدم.
وقال في "البحر" فيما إذا ضلت [ثم وجدها] بعد أيام النحر: إن له ذبحها، وله تأخيرها إلى أيام النحر.
ولو كان تأخير الذبح مع القدرة عليه، لزمه النحر، وعليه البدل؛ كما سنذكره عن "الحاوي" من بعد.
وما ذكرناه هو المشهور.
وقد أغرب الإمام فقال: التضحية الملتزمة في الذمة بقوله: "لله عليَّ أن أضحى بشاة"؛ هل تتأقت التضحية بها في يوم النحر، وأيام التشريق؛ كما تتأقت بذلك إذا قال:"جعلت هذه أضحية"، أو لا تتأقت، ويجوز فعلها في جميع أيام السنة، مهما وجدت كما في [غير] دماء الجبرانات؛ لوقوع ذلك في الذمة؟ فيه وجهان.
وعلى الثاني منهما: لو كان قد قال بعد ذلك: "جعلت هذه الشاة عن جهة نذري"؛ فهل يتأقت ذبحها؟
إن قلنا: إن لهذا القول أثراً كما سيأتي ففيه وجهان:
أحدهما: لا؛ كالمنذورة المطلقة؛ فإنها مصروفة إلى النذر.
والثاني: تتأقت، تغليباً لحكم التعيين.
وقد عكس الماوردي ذلك في الهدي، فقال: إن كان الهدي واجباً عن نذر، تعين فيه من غير أن يتعلق بالذمة، فالمذهب: أنه لا يجوز أن ينحره إلا في أيام النحر.
وقد أشار في موضع من "المختصر" إلى أنه يجوز قبل أيام النحر أو بعدها.