قال: وتفرقته على فقراء الحرم؛ لأنه المقصود من الهدي, وإلا فنفس الذبح بغير تفرقةٍ تَلْوِيثُ للحرم, وليس ذلك بقربة, بل مكروه.
قال ابن الصباغ وغيره: ويجوز أن يدفعه لمساكين الحرم بعد الذبح وتمليكهم إياه علي الإشاعة, وأي الأمرين فعل, خرج عن العهدة, ولا يخرج بمجرد الذبح عنها؛ حتى لو سرق لم يخرج عما في ذمته, ويجب عليه الإعادة.
قال الرافعي في باب الهدي: وله أن يشتري اللحم, ويتصدق به.
وفيه وجه آخر: أنه يكفيه التصدق بالقيمة.
قال الأصحاب: ويستحب أن يفرقه على القاطنين بالحرم؛ لأنهم أوكد [حرمة] من الطارئ إليه, فلو فرقه على القاطن دون الطارئ, أو على الطارئ دون القاطن, جاز؛ لأنهم قد صاروا من أهل الحرم بدخولهم إليه؛ وقد حكى البندنيجي ذلك عن نصه في "الأم".
قال الماوردي: وليس لما يعطيه, لكل واحد منهم قدر معلوم, ولا عدد من يعطيه معلوم نعم: لا يجوز أن يعطي أقل من ثلاثة مساكين ما كان يقدر عليهم؛ لأنه أقل الجمع المطلق.
قلت: ولقائل أن يقول: لم لا يجب تعميمهم إذا أمكن؛ لأنا على قول منع [نقل] الصدقة, نقول: إن أهل "السهمان" يملكونها حتى لو مات واحد من الفقراء, وله وارث غنى, صرفت إليه, والنقل هنا ممنوع؛ فيجب أن يجري في التفريغ عليه مجرى الزكاة.
ولا يجوز له الأكل منه بحال؛ صرح به الماوردي وغيره في باب الهدي, وقد يؤخذ من قول الشيخ: "وتفرقته على فقراء الحرم" وهذا الذي ذكره الشيخ هو المشهور.
وقد حكى في" البحر" قولًا عن القديم فيما إذا ارتكب في الحل ما يوجب دمًا: كما لو دفع من عرفة قبل الغروب: أنه لا يختص الهدي بالحرم؛ حتى لو ذبح في