قال في "البحر": ومن أصحابنا من قال: إنه ينبني على المدة التي كانت في يده، فإذا مضت ستة أشهر زكاه، قال: وهذا أقرب عندي؛ لأن ملكه في الحقيقة لم يزل، وهذه الطريقة هي المشهورة، ووراءها فيهما طريقتان أخريان:
إحداهما: القطع بالوجوب، والقائل بها قال: إنما قصد الشافعي بقوله: لا يجوز إلا واحد من قولين، الرد على مالك حيث قال: تجب في العام الأول دون ما بعده من الأحوال؛ فكأنه يقول: القياس ما قلت أو ما قاله أبو حنيفة، فأما ما قاله مالك فلا وجه له.
قال أصحابنا: وما قاله مالك مستقيم على أصله؛ لأن عنده أن التمكن شرط في الوجوب، وإن لم يوجد عقد الحول الثاني، فإذا وجد الإمكان بعد أحوال وجد شرط وجوب زكاة السنة الأولى، ولم يوجد شرط عقد الأحوال بعدها، كذا قاله صاحب "البحر" وغيره.
قال الرافعي: وما ذكره مالك يقتضي أن يكون للشافعي قول مثله؛ لأن له قولاً كمذهبه في أن الإمكان من شرائط الوجوب.
قلت: وما ذكره أبو علي إن كان نقلاً فلا اعتراض عليه، بل نستفيد منه أن للشافعي قولاً أن الحول الثاني إنما يعقد عند التمكن من الأداء عن الأول كما سيأتي حكايته وجهاً عن بعض الأصحاب وإن كان تفقهاً كما أبداه الرافعي فلا وجه له؛ لأنا حيث قلنا: إن التمكن شرط الوجوب، فابتداء الحول الثاني من حين انقضاء الأول، لا من وقت التمكن كما ستعرفه، وبهذا خالف مذهبنا مذهب مالك- رحمه الله- والله أعلم.
والطريق الثانية: عن ابن خيران نفي الخلاف في ذلك، وتنزيل ما حكى عن