المالك مستقر على ذلك؛ فوجب عليه زكاته كالذي في يده، وهذا ما نص عليه في "المختصر" في باب الغنم السائمة، وهو الصحيح باتفاق الأصحاب، وقال العراقيون وغيرهم كما قال الرافعي: إنه الجديد، وعلى هذا لا يجب عليه الإخراج قبل عود المال إليه بلا خلاف؛ لما فيه من الإضرار به.
والقول الثاني: أن الزكاة لا تجب- وإن عاد إليه [كما] قال الماوردي- لأمرين:
أحدهما- يرجع إلى ما قاله الإمام-: أن مبنى الشرع مشعر بأن الزكاة إرفاق في مقابلة ارتفاق المالك؛ ولذلك تعلقت الزكاة بالثاني جنساً وقدراً واعتبرت مدة يغلب النماء في مثلها، والحيلولة تمنع الارتفاق، وهذا يشبه أن يكون قول ابن سريج وأبي إسحاق؛ لما ستعرفه.
والثاني: أن وهاء الملك ونقصان التصرف [به] يمنعان وجوب الزكاة دليله المكاتب لا زكاة عليه فيما يملكه؛ لوهاء ملكه، ونقصان تصرفه فيه ورب المغصوب والضال واهي الملك ناقص التصرف؛ فوجب ألا تلزمه الزكاة، وهذا القول نسبه القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما من العراقيين وغيرهم- كما قال الرافعي- إلى القديم، وبه قال أبو حنيفة، وقال الإمام تبعاً للقاضي الحسين وغيره: إنه مأخوذ من قوله في موضع آخر في الدراهم المغصوبة والمجحودة: [و] لا يجوز فيه إلا واحد من قولين: إما ألا تجب الزكاة؛ لأنه يحول دونه، أو تجب لإحوالها؛ لأن ملكه لم يزل، فعلى هذا إذا غصب المال بعد مضي ستة أشهر [وأقام في يد الغاصب ستة أشهر] مثلاً، ثم عاد إلى الملك، استأنف له الحول من حينئذ.