الجديد هنا: أن الإنصات لا يجب، وميل أئمة المذهب إلى الجديد في محل الخلاف، ولعل السبب الفارق فيه أن المدعو من الشهود قد تعلق به طلب ذي الحق على التعيين، وآحاد من يحضر المقصورة لا يتخصص بمطالبة.
ثم قال: وعندي أن هذا يضاهي ما لو قال ذو الحق للشهود- وهم مائة-: لا تغيبوا؛ فحاجتي ماسّة إلى إقامة الشهادة، فلو غاب جمع منهم، وكان الحق يستقل بمن بقي- فيظهر أن الذين غابوا لا يحرجون.
ثم الصحيح- كيف فرض محل القولين عند الفريقين-: عدم وجوب الإنصات، وجواز الكلام؛ كما ذكره الشيخ، وقاسه المراوزة على الخطيب إذا تكلم في أثناء الخطبة، فإنه لا يأثم؛ لقوله- عليه السلام- لسليك الغطفاني:"قم فصلِّ ركعتين"، ولأنه كلَّم قَتَلَةَ ابن أبي الحقيق حين مقدمهم وهو على المنبر، وهذه طريقة حكاها الإمام، وأن شيخه قال بطرد القولين في تحريم الكلام على الخطيب أيضاً؛ لأن الشافعي في الجديد لما أباح الكلام للحاضر، احتج بتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته، ولو لم يكن ذلك في محل النزاع لما احتج به، وهذه الطريقة لائقة بطريقة الصيدلاني والقاضي الحسين أيضاً؛ فإنهما بنيا القولين في المأمومين على أن الخطبتين بدل عن الركعتين أم لا؟ فإن قلنا: نعم، حرم، وإلا فلا.
وهذا البناء بالخطيب أشبه، وقد أشار إليه القاضي الحسين في موضع من كتابه، وألحق به القيام في الخطبة والنية، وصرّح بحكاية القولين فيها من العراقيين: البندنيجي والقاضي أبو الطيب، [وقال الماوردي: إنه نص في القديم على تحريم الكلام على الخطيب].