قال الإمام: وهذا غلط عظيم مشعرٌ بالذهول عن حقيقة المسألة؛ فإن الإمام إذا تكلم فليس متمادياً في عمل الخطبة حتى يقال: فات بكلامه سماع ركن؛ فكان كما لو سكت لحظة.
ثم على القول بطرد قول المنع فيه، فذاك فيما لا يتعلق ببيان الشرع والأحكام، أما ذلك فلا يحرم بحال؛ كذا قاله الشيخ أبو محمد؛ موجهاً له بأن الخطيب يجوز له أن يضمن خطبته بيان حكم، وتعليم الناس أمراً شرعيّاً، سيما إذا كان متعلقاً بما هو لائق بالحال، وعليه [حمل] كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتلة ابن أبي الحقيق؛ لأنه يتعلق بأمرهم بالجهاد، وهو من أهم قواعد الشرع. وأما كلامه لسليك الغطفاني، فذاك ظاهر في التشريع.
الثالث: أن القولين جاريان في حال استقرار المأموم جالساً، وفي حال مروره [و] قبل أن يأخذ لنفسه موضعاً.
وقد حكى صاحب "التقريب" والصيدلاني عن نص الشافعي في الحالة الأخيرة الجواز؛ ولأجله جعلا محل القولين حالة الاستقرار، ووجها النص بأنه لما جاز أن يصلي ركعتي التحية، ويقرأ وهو مناقض للإنصات، دل على عدم وجوبه، وقصة عثمان مع عمر- رضي الله عنه- تدل على ذلك أيضاً؛ [لأنه كالمه] قبل استقرار جلوسه.
التفريع:
إن قلنا بالقديم- وهو تحريم الكلام- فإذا دخل شخص، وسلم على الحاضرين، لا يجوز لهم رد السلام بالنطق؛ لأنه أوقعه في غيره محله، وفرض السكوت سابق. وإن رد بالإشارة فحسن.
وقال الرافعي: إنه يستحب إجابته بالإشارة كما في الصلاة.
ولفظ القاضي الحسين يقرب منه، فإنه قال:"يرد السلام بالإشارة".
ولو عطس شخص فهل يشمَّت؟ فيه وجهان في "تعليق" البندنيجي وغيره: