يقصد وإن لم يقصد- قال الإمام: فهذا أراه من الأفعال الضرورية؛ فإن من لا يقصد في القتال – هتضم ويتغشى في التقاء الصفوف.
قال: فإن اضطروا إلى الضرب المتتابع ضربوا؛ ولا إعادة عليهم، كما لو اضطروا إلى المشي فمشوا، وهذا قول ابن سريج، كما قاله البندنيجي، وحكاه الماوردي عنه وعن أبي إسحاق؛ جرياً على مذهبهما في حمل نصيه في "المختصر" و"الأم"- فيما إذا خاف فركب في أثناء الصلاة- على حالين، كما ستعرفه، وبهذا جزم البغوي والقاضي الحسين، ويقال: إن القفال قطع به، كما حكاه الروياني، وقال الرافعي: إن الأكثرين رجحوه، سواء وقع في شخص واحد أو في أشخاص.
وقيل: عليهم الإعادة؛ لأنه عذر نادر فيها، فأشبه من لم يجد ماء ولا تراباً؛ فإنا نأمره بالصلاة مع أنها باطلة لفقد شرطها، وبالإعادة، وهذا ما حكاه البندنيجي عن النص، وعبارته في حكايته:"أنها تبطل، ويمضي في صلاته، ويعيد"، وهكذا حكاه الروياني في "تلخيصه" عن "الأم" فقال: إن تابع الضرب، أو ردد الطعنة، أو عمل ما يطول- بطلت صلاته، ويمضي فيها، ثم إذا قدر أعادها، لا يجزئه غير ذلك، ولأجل ذلك ذكر البندنيجي في موضع آخر أنه المذهب.
قال الماوردي: وهو ما عليه سائر أصحابنا، ووجهه بعضهم بأن إقامة هذه الصلاة راكباً مومئاً، مستقبل القبلة وغير مستقبلها، كما فسره ابن عمر- من الرخص الظاهرة، فالزيادة على ذلك مجاوزة للنص في محل لا مجال للقياس فيه، كذا نقله صاحب "التقريب"، وفيه نظر؛ لما تقدم في الباب: أن الرخصة إذا عقل معناها ألحق بها ما هو في معناها، والقائلون بالأول حملوا النص على ما إذا فعلوا ذلك من غير ضرورة.
وقد أفهم كلام الشيخ في "المهذب" أن القول بالبطلان قول ثالث في المسألة غير القولين؛ لأنه لما حكى النص حكى بعده أن أبا حامد حكى عن ابن سريج أنه إن كان مضطراً لم تبطل صلاته؛ كالمشي، ثم قال: وحكى بعض أصحابنا أنه