قال: فإن لم يقدروا على الركوع والسجود؛ أي: للخوف من العدو- أو مثوا؛ لقول ابن عمر في الخبر الذي ذكرناه من قبل عن رواية مسلم، عن نافع، عن ابن عمر: فإذا كان خوف أكثر من ذلك، فصلى راكباً أو قائماً يومئ إيماء. ولا فرق في ذلك بين الراكب والراجل، بخلاف ما تقدم في صلاة النافلة في السفر في حق الماشي. والإيماء: الإشارة، ويتعين عند الإتيان بها أن يكون إيماؤه بالسجود أخفض من الركوع؛ ليحصل التمييز.
ويجوز فعل هذه الصلاة [عندنا] فرادى وجماعة؛ لعموم الآية. قال ابن الصباغ: والجماعة أفضل.
قلت: وفيه نظر؛ لأن أبا حنيفة يقول: لا تصح الصلاة جماعة في هذه الحالة، كما حكاه القاضي أبو الطيب عنه، ومن شأن الشافعي استحباب الخروج من خلاف الخصم إذا أمكن، ما لم يكن قد ورد نص يقتضي المخالفة، كما تقدم ذكره في القصر.
ثم إذا أقيمت جماعة، فلا يضر تقدم المأمومين وتأخرهم بالكر والفر؛ كما لا يضر ذلك في المستديرين حول الكعبة، بخلاف من اختلف اجتهادهم إلى أربع جهات لا يقتدي بعضهم ببعض، وفي هذه الحالة أيضاً لا يجب عليهم- إذا صلوا كذلك- الإعادة؛ لأنهم فعلوما ما أمروا به، وقد أسقط أبو حنيفة وجوب الفعل على الحاضر في هذه الحالة، ولديلنا عليه- مع الآية- أنه مكلف تصح منه الطهارة غير متخوف من القتل لأجل الصلاة؛ فوجب ألا يخلي الوقت من الصلاة، أصله: الأمن.
فرعان:
الفرع الأول: الكمين يجوز أن يصلي قاعداً؛ مخافة أن يراه العدو، وفي الإعادة قولان حكاهما الفوراني؛ بناء على المحبوس في الحُش، المذكور منهما في "التهذيب" و"الكافي": الوجوب، وكلام الإمام يقتضي الجزم بمقابله.
الفرع الثاني: لو لم يمر بالمصلي قرن، ولكن كان ترتيب القتال يقتضي أن