فصلوا رجالة وركباناً؛ و"رجالاً": جمع "راجل"؛ كصاحب وصحاب، وقوله - عليه السلام- في حديث البخاري السابق في غزوة ذات الرقاع:"وإن كانوا أكثر من ذلك، فليصلوا قياماً وركباناً".
قال: إلى القبلة، وغير القبلة؛ لأنه روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - في تفسير قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} أنه قال: مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها. كذا رواه مالك عن نافع عنه، [ثم] قال مالك: ما أراه ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال القاضي أبو الطيب: إن أبا بكر بن المنذر قال: إن موسى بن عقبة رواه عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.
وفي "الحاوي" و"التهذيب" وغيرهما: أن القائل: "ما أراه ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم هو نافع، وهو المذكور في كتب الحديث، ثم قال الماوردي: والشافعي رواه عن محمد بن إسماعيل عن [ابن أبي ذئب] عن الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان ذلك نصّاً مرويًّا، ولأن الضرورة تدعو إلى الصلاة على هذه الصفة؛ إذ لا يجوز إخلاء الوقت عن الصلاة؛ فجاز ذلك للضرورة، ولا يجب عليهم في هذه الحالة أن يستقبلوا القبلة، لا في الإحرام ولا في الركوع ولا في السجود، وإن كانوا رجالة، صرح به البغوي وغيره.
ولا تجب عليهم الإعادة إذا كان الانحراف عن القبلة لأجل القتال، فلو كان لأجل جموح الدابة، وطال الزمان- بطلت صلاته، كما في غير حال الخوف، قاله الرافعي، وحكى ابن التلمساني في باب استقبال القبلة: أن العراقيين حكوا وجهاً في صلاة المسايفة إذا وقعت إلى غير القبلة: أنه يجب القضاء.