للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظه: "وأحب للمصلي أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن نجساً، ولا يأخذ الرمح إلا أن يكون في حاشية الناس"، ثم قال بعد ذلك: "ولا أجيز له وضع السلاح كله في صلاة الخوف"، ثم قال: "فإن وضعه لم تفسد صلاته؛ لأن معصيته في ترك السلاح ليس من الصلاة"، وقد أبدى الإمام القول بعدم البطلان فقهاً لنفسه، وكأنه لم يقف على هذا النص.

وهذه الطريقة التي ذكرها الشيخ هي طريقة أبي إسحاق المروزي وغيره، وبعضهم قطع بالقول الأول، وآخرون قطعوا بالثاني؛ فحصل في المسألة ثلاث طرق مذكورة في "النهاية".

ومنهم من قال: ليست المسألة على قولين؛ وإنما هي على اختلاف حالين: فالموضع الذي استحبه، قصد بذلك السلاح الكامل الذي يدفع به عن نفسه وعن غيره: كالرمح والنشاب ونحو ذلك، والموضع الذي أوجبه، قصد به السلاح الذي يدفع به عن نفسه خاصة: كالسيف والسكين.

والصحيح عند الشيخ وشيخه القاضي أبي الطيب طريقة أبي إسحاق التي أوردها في الكتاب، وهي التي قال بها أكثر الأصحاب، كما قال الماوردي، وأصح القولين الأول.

والجواب عن الآية الأولى: أن صلاة الخوف كان فعلها محظوراً، ثم أمر الله بها، والأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة لا الوجوب، كما في قوله: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا} [الجمعة: ١٠]، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].

وعن الثانية: أنه وضع عنهم [بها] جناح الكراهة في حال العذر، وذلك يقتضي أنها لا ترتفع عند فقده، ونحن قائلون به؛ فإن حمله مستحب، وتركه مكروه إلا في حالة العذر.

وادعى الإمام أن الذي لا بد من التنبه له: أنهم لو بعدوا الأسلحة عن أنفسهم، وظهر بهذا السبب مخالفة الحزم والتعرض للهلاك- فيجب منع هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>