كان الحارس في الركعتين واحدة – أحببت لها أن تعيد الركعة"، قال القفال: وفيه إشكال؛ لأن حراستها في الركعة الأولى جائزة، وحراستها في الركعة الثانية لا تخلو إما أن تبطل صلاتها أو لا، فإن أبطلت فعليها أن تقضي جميع الصلاة، وإن لم تبطل فليس عليها قضاء شيء. قال: إلا أنه يمكن أن نجعل لهذا وجهاً، وهو: أنه إذا كان جاهلاً بأن حراستها في الثانية لا تجوز؛ فلم تبطل صلاته للجهل، ولم تصح تلك الركعة لها؛ لمخالفتها للإمام؛ فعليها أن تقضي تلك الركعة.
قال القاضي الحسين: ومن أصحابنا من قال: معناه: أن سبب بطلانها هو حراستها في الركعة الثانية، وليس لها أن تحرس في الركعتين معاً، وقد قيل: أراد بالركعة جميع الصلاة، والعرب تسمي الشيء باسم ما يشمله ويتضمنه، فيسمون الصلاة ركعة؛ لأنها تتضمن الركوع، ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[الأعراف: ٢٠٤] وأراد: الخطبة؛ لاشتمالها على القرآن.
وقوله: "أحببت أن يعيد" معناه: أوجبت، فعليه إعادة جميع الصلاة، وقيل: معناه: على طريق الاستحباب.
قال: والمستحب أن يحمل السلاح في صلاة الخوف في أحد القولين؛ لأنه غير مقاتل في الصلاة؛ فلم يجب لذلك حمله كما في سائر الصلوات، ويخشى أن يحصل له القتال؛ فلذلك استحب له، وقد وجهه القاضي بقوله تعالى:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}[النساء: ١٠٢] فأباح وضع السلاح بالمطر؛ فدل على أنه غير واجب، وهذا ما حكاه المزني، وقال الماوردي: إنه الجديد.
قال: ويجب في الآخرة؛ لقوله تعالى:{وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}[النساء: ١٠٢]، وظاهره الوجوب، وقد أكده بقوله في آخر الآية:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}؛ فدل على أن عليهم جناحاً في وضعها عند فقد ذلك، وهذا ما نص عليه في القديم، كما قال في "الحاوي"، وغيره عزاه إلى "الأم"،