قطعاً؛ فإنه في صورة الاستسلام للكفار، وإن وضع الواضع سيفه بين يديه إذا لم يكن في حال مطاردة، ولم يكن مخالفاً للحزم- فلست أرى في ذلك احتمال التردد في الجواب؛ بل الوجه القطع به؛ فإن مد اليد إلى السيف الموضوع على الأرض في اليسر كمد اليد إليه وهو يتقلد، فإذا كاني قطع به في غير الصلاة، فلأن يقطع بجوازه في الصلاة أولى وأحرى. وإن لم يظهر في تنحية السلاح إمكان خلل، ولكن كان لا [يؤمن] أيضاً إفضاء مثل تلك التنحية إلى خلل، فلعل التردد واختلاف النص في هذا، ولكن الأصحاب ذكروا حمل السلاح في عيبته في الصلاة، وأنا أرى الوضع بين اليدين في حكم رفع السلاح وحمله.
وهذا كله في السلاح الطاهر، أما النجس فلا يجوز حمله.
قال القاضي أبو الطيب: وكذا لا يجوز حمل ما يمنعه من إكمال الصلاة، مثل: السيور التي لا يمكنه فيها الركوع والسجود، ومثل البيضة السابغة التي تمنعه من السجود، ومثل الخوذة التي لها أنف يحول بين جبهته وبين الأرض. وهذا يؤخذ مما تقدم في الأبواب السالفة، على أن في كلام البندنيجي الذي سنذكره ما ينازع فيه.
وكذا لا يجوز أن يحمل ما يؤذي به غيره من المسلمين، مثل: الرمح يحمل في وسط الناس؛ لأنه إن حمله قائماً لم يتمكن من الركوع والسجود في تلك الحالة، وإن مده آذى المسلمين به، نعم لو كان في حاشية الناس جاز له حمله؛ لأنه لا يؤذي به أحداً إذا وضعه ممدوداً حال صلاته، وكلام البندنيجي يدل على أنه في الحال الأول مكروه؛ لأنه قال في كتاب الرمي: إن الصلاة في حال حمل السلاح جائزة، وهو على ثلاثة أضرب: حرام وهو النجس، ومكروه وهو ما يشغله عن الخشوع كالجعبة التي فيها النشاب والرمح، ومباح وهو السيف والخنجر والسكين، وقال هنا- وكذا الماوردي-: إنا إن حملنا النصين على اختلاف حالين، فحمل السلاح على خمسة أضرب: حرام، ومكروه، وواجب، ومستحب، وما اختلف حكمه باختلاف مكان حامله:
فالحرام: ما كان نجساً، قال الماوردي: أو مانعاً من الركوع والسجود، ونحوه.