الذي رواه مسلم وابن ماجه وغيرهما ما ذكره الشيخ أبو حامد، غير أنه جاء في بعض الروايات أن طائفة سجدت معه، ثم في الركعة الثانية سجد معه الذين كانوا قياماً، وهذا يحتمل الترتيبين جميعاً، والشافعي لم يقل: إن الكيفية التي ذكرها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان، ولكن قال: وهذا نحو صلاته- عليه السلام- يوم عسفان. فالأشبه [تجويز] كل واحد منهما؛ إذ لا فرق في المعنى، وقد صرح به الروياني وصاحب "التهذيب" وغيرهما.
قلت: لكن الروياني أبداه في "تلخيصه" احتمالاً لنفسه، وقد وافق الجمهور على أن الحراسة إنما تكون في السجود دون الركوع؛ للخبر، والمعنى فيه: أن الراكع يمكنه المشاهدة، بخلاف الساجد، وحكى أبو الفضل بن عبدان: أن من أصحابنا من قال: يحرسون في الركوع أيضاً.
قال الرافعي: وفي بعض الروايات ما يدل عليه.
فرع: إذا كان الحارس في الركعتين طائفة واحدة، فقد قال في "الأم": "رجوت أن يجزئهم، ولا إعادة عليهم، ولو أعادوا كان أحب إلي"، كذا حكاه البندنيجي، وقال لأجله: إنه جائز، والأولى خلافه. وحكى غيره وجهاً آخر: أن صلاتهم باطلة، وأن أصل الخلاف ما إذا زاد الإمام انتظاراً في [الصلاة] الرباعية؛ حيث فرقهم أربع فرق، وهو من تخريج القاضي الحسين، كما ذكره في "تعليقه"، وكذلك أثبت الإمام الخلاف في المسألة وجهين، والغزالي حكاه قولين، والأصح في "الكافي" وغيره الجواز.
قال الرافعي: ولم يورد جماعة سواه. ووجه الإمام مقابله: بأن المتبع في تغايير وضع الصلاة: النصوص، وما يصح النقل فيه، وقد صحت الحراسة على التناوب، وفيه معنى معقول؛ فإن في الحراسة تخلفاً عن الإمام بأركان، فإذا تناوب فيها القوم قل التخلف من كل فريق، وإذا تولاها قوم في الركعتين جميعاً كثر تخلفهم، وكانوا خارجين عن اتباع الشارع.
وقد حكى القفال نص الشافعي في المسألة على نحو آخر، فقال عنه: إنه قال: "لو