وأما صوت يخرج من الحلق فليس من جنس الكلام، والتنحنح يحصل عند طبق الشفتين؛ فجرى مجرى صوت يخرج من الأمعاء والأحشاء،] وقد حكى عن القفال أنه فرق في المتنحنح بين أن يكون منطبق الفم؛ فلا تبطل صلاته؛ لأنه لا يكون على هيئة الحروف، وبين أن يكون فاتحاً فاه؛ فتبطل.
قال الإمام: وليس بشيء؛ لأن الأصوات لا تختلف في السمع بذلك، وهذا – [كما ذكرنا-مصور بما] إذا فعله مختاراً.
أما لو فعله لامتناع القراءة عليه إلا به، فلا خلاف في أنه لا يبطل، ولو كانت القراءة ممكنة بدونه، لكن امتنع عليه الجهر بها إلا به: فهل يكون عذراً أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه تابع لها فكان [كامتناعها].
والثاني: لا؛ لأن الجهر هيئة وأدب، وترك ما هو من قبيل الكلام حتم، وهذا ما رجحه الرافعي.
ثم الخلاف المذكرو في التنفس والضحك ونحوهما-جار-كما قاله المتولي-في البكاء في الصلاة إذا بان معه حرفانن ولا فرق على القول بالبطلان-وهو المشهور-بين أن يكون بكاؤه للخوف من النار ونحوها، أو لحزن على ميت ونحوه.
وعن الروياني أن القاضي أبا الطيب الطبري قال: سمعت الماسرجسي يقول: إن كان [بكاؤه] من خشية الله فلا تبطل، وإن كان لحزن على ميت بطلت، وهذا محكي عن أبي حنيفة، وبه يحصل في المسألة ثلاثة أوجه، والله أعلم.
ولا خلاف في أن فيض العين بالدمع من غير شهيق ولا إظهار حرف: أنه لا يبطل.