للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبعه صاحب "المرشد" وغيره.

وقيل: لا تبطل؛ لعموم الخبر؛ ولأنه لوأبطل كثيره أبطل قليله؛ كالعمد.

قال في "المهذب": ولأنه لا يبطل قليله البادة؛ فكذا كثيره؛ كالأكل في الصوم، وهذا قول أبي إسحاق، وهو الأصح في "الحاوي".

قال: ويفارق الفعل؛ لأنه فيما نحن فيه آكد من القول، وقول الشافعي عائد إلى ما ترك من صلب الصلاة، لا إلى الكلام.

والقائلون بالول لم يسلموا مسألة الصوم، بل بعضهم قال بالبطلان فيها أيضاً؛ كما قلنا هنا بالبطلان، وبعضهم قال: في بطلان الصوم بالأكل الكثير ناسياً خلاف مبني [على] أن العلة في بطلان الصلاة ماذا؟ فإن قلنا بالمعنى الألو لم يبطل الصوم؛ إذ ليس في الصوم نظم [يقطع بالفعل]، وإن قلنا بالمعنى الثاني، وهو إمكان الاحتراز-بطل الصوم أيضاً.

وقد أفهم قول الشيخ: "أو جاهلاً بالتحريم"، أنه لو كان عالماً بالتحريم جاهلاً بأنه مبطل- أنها تبطل، وبه صرح الغزالي وغيره؛ قياساً على ما لو علم أن الزنى حرام، وجهل أنه يوجب الحد؛ فإنه يجب عليه الحد، وعقب الغزالي ذلك بقوله: وإذا جهل كون التنحنح مبطلاً أو ما يجري مجراه، هل يكون عذراً؟ فيه تردد، وهو وجهان.

قال الرافعي: ويبعد أن يكون التصوير فيما إذا جهل كون التنحنح مبطلاً [مع العلم بتحريمه؛ فإنه لا يظهر بينه وبين المسألة قبلها فرق] مع التسوية في الحرمة والجهل بكونهما مبطلين، ولكن الأقرب شيئان:

أحدهما: أن يكون التردد في الجاهل بكون التنحنح مبطلاً، بعد العلم بكون الكلام مبطلاً وحراماً؛ لأن التنحنح وإن بان منه حرفان لا يعد كلاماً؛ فلا يلزم من العلم بالمنع من الكلام العلم بالمنع منه، والتردد على هذا الترتيب قريب من التردد فيما [إذا علم أن] جنس الكلام محرم على الجملة، وجهل أن ما أتى به

<<  <  ج: ص:  >  >>