فإن قلنا: يبطل، فهاهنا أولى، وألا فوجهان. والفرق: أن هناك لم يكن له غرض ومقصود [في السكوت]؛ فأولى أن تبطل [به صلاته]، بخلاف ما نحن فيه، قال: و [هكذا] لوحصل الشك في أثناء الفاتحة، سكت سكوتاً طويلاً-كان فيه الوجهان، فإن قلنا: لا تبطل [الصلاة]، يلزمه استئناف الفاتحة.
قال الماوردي: وما ذكرناه عند مضي الركن وعدمه في حال الشك، يجري فيما لو شك هل نوى ظهراً أو عصراً [ثم انكشف] الحال. وهذا ما اختاره القاضي الحسين بعد أن حكى عن القفال أنه قال: تبطل صلاته بكل حال؛ لأن ما مضى في حال الشك يكون نفلاً؛ صار كما لو قلب الفرض نفلاص، ولو قلبه نفلاً يبطل فرضه؛ فهاهنا كذلك، وإن لم يغير النية فقد شك في وجودها؛ فحل محل تغير النية إلى فرض آخر، وليس كما قلنا: إذا شك في أصل النية، فتذكر من بعد؛ لأن هاهنا شك في صفتها دون أصلها، وقد عكس في "البيان" هذه الطريقة، قال: لو شك هل عين النية للفرض أم لا؟ ثم ذكر أنه عينها-ففيه التفصيل السابق، وإن كان شكه في أصل النية؛ فوجهان:
أحدهما: أن الحكم كذلك.
والثاني: تبطل الصلاة بنفس الشك؛ لأنه لم يتيقن الدخول في الصلاة.
وإذا عرفت ما قاله الأصحاب في ذلك عرفت أن الشيخ لم يرده، وتعين عود الضمير إلى الصلاة؛ لأنها مذكورة في التبويب، والله أعلم.
قال: وإن ترك القراءة ناسياً ففيه قولان، أصحهما: أنها تبطل؛ لأنها ركن واجب في الصلاة؛ فلم تسقط بالنسيان؛ كالركوع والسجود، وهذا هو الجديد.
ومقابله، وهوالقديم: أنها لا تبطل؛ لما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:"صلى بنا عمر- رضي الله عنه-المغرب، فترك القراءة، فلما فرغ قيل له: تركت القراءة؛ فقال: كيف كان الركو والسجود؟ قالوا: حسناً. فلا بأس إذن".