للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي: وهذا من الأمر العام، ولأن النسيان عذر لا يتقاعد عن السبق، والسبق مسقط لها، والقائلون بالجديد أجابوا عن أثر عمر بجوابين:

أخدهما: أنه إنما ترك الجهر بالقراءة، قال الشافعي: وهو الأشبه بعمر، رضي الله عنه.

والثاني: أن الشعبي روى عن عمر "أنه أعاد تلك الصلاة"، وليس النسيان كالسبق؛ ألا ترى أنه لا يسقط القيام، والسبق يسقطه؟!

ومحل القولين في المسألة إذا لم يتذكر الترك إلا بعد السلام وطول الفصل؛ فإن تذكر في الصلاة فعلى الجديد: إن كان في الركوع عاد إلى القيام، وقرأ، وإن تذكر بعد القيام للثانية صارت أولى، ويلغو ما سبق.

وإن تذكر بعد السلام وقرب الفصل، فهو كما لو ترك السجود ونحوه.

وعلى القديم: إن تذكر بعد الركوع لا يلزمه أن يأتي بها.

قال القاضي الحسين: ويحتمل أن يقال: يأتي بها ما لم يسلم؛ لأن الظاهر من أثر عمر أنه إنما سئل بعد الفراغ من الصلاة.

قال: وإن زاد في صلاته ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً عامداً، أي: وهو عالم بالتحريم-بطلت صلاته؛ لأنه متلاعب بالصلاة.

قال الإمام: ولا يشترط في زيادة ذلك أن يطمئن فيه كما يشترط في الركوع والسجود المعتد به؛ لأن ذلك إنما بطل لأن فيه تغيير نظمها، وهذا المعنى يحصل وإن لم يطمئن، بخلاف الركن المعتد به؛ فإن المقصود منه الخضوع، ولا يتأتى ذلك من غير تثبت ومكث يفصل الركن [عن الركن].

فإن قيل: العمل القليل في الصلاة لا يبطلها مع العمد، وهذا لا يبلغ مبلغ العمل الكثير؛ فينبغي ألا تبطل؛ كما صار إليه أبو حنيفة.

فجوابه: أن القلة والكثرة [لا يعنيان لأعيانهما]، وإنما المتبع المعني، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>