للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوكيله بع هذه السلعة، فباعها بدرهم وهي تساوي مائة، ويلزم من وقف مع الظواهر أن يصحح هذا البيع، ويلزم به الموكل، وإن نظر إلى المقاصد تناقض، حيث ألقاها في غير موضع. (١) والنكاح بنية الطلاق (السياحي) تكون نية الرجل فيه هي التوقيت لعقد النكاح، فيكون الاعتبار لها دون الأسباب والصور الشكلية.

(٢) صحيح أن ثمة فروقاً بين نكاح المتعة المؤقت، والنكاح بنية الطلاق (السياحي) ومن أبرز هذه الفروق، وأقواها، التصريح بتحديد الأجل لانتهاء عقد النكاح بين الزوجين، ولكن الناظر يرى أيضاً أوجه وفاق بينهما لا يمكن تجاهلها، منها على سبيل المثال، اتحاد مقصود الناكحَين فيهما، المتمثل بالمتعة وقضاء الوطر، وخلو النكاحين عن تحقيق المقاصد التي شُرع من أجلها، ومنها كذلك حصول الفرقة بين الزوجين، فنكاح المتعة بانتهاء المدة المتفق عليها، والسياحي بانتهاء المدة المضمرة في قلب الزوج، والنكاح لم يُشرع من أجل الفرقة والطلاق، بل شُرع للديمومة والبقاء، وجُعل الطلاق حلاً اضطرارياً عند عدم حصول الوفاق، بعد الوعظ, والهجر، والضرب، والتحكيم، كما هو معلوم من الشريعة، كما أنهما يشتركان في كثير من النتائج والأضرار على الفرد والمجتمع، والتي تتمثل في ضياع الأولاد، وامتهان المرأة، وجعلها كالسلعة المستأجرة، لقضاء الوطر، وإفراغ الشهوة فحسب، أضف إلى ذلك زيادة نسبة المطلقات في المجتمع، وما ينتج عنها من آثار سلبية، هذا كله مع ما في ذلك من الاستهانة بهذه الرابطة العظيمة، والتلاعب بها، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات، بين الذواقين والذواقات على مقاصد وحِكم النكاح السامية.

ثم إن وجه الشبه بينه وبين نكاح المحلل، المضمر لنية التحليل، كبير جداً، إذ لا مراء أن نكاح المحلل، غايته إصابة المرأة بعقد صورته الشرعية، لتحل لزوجها الأول، ثم يطلقها بعد ذلك، وهذا النوع من التحليل، حرام كما هو معلوم، لدخوله تحت حديث عقبة ابن عامر السابق الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه المحلل، والمحللة له، وشبهه بالتيس المستعار (٢)، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى، بعد ذكره لتحريم هذا النوع من الأنكحة: وهو مذهب أهل المدينة، وأهل الحديث، وغيرهم. (٣)


(١) إعلام الموقعين ٣/ ١١٥.
(٢) انظر الطلب الثاني من هذا المبحث صـ ٧١
(٣) انظر مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٥٥.

<<  <   >  >>