للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: لا ضرار أي لا يجوز مقابلة الضرر بالضرر، وإنما على المتضرر، أن يراجع جهة القضاء (١)، ومما لا شك فيه أن الناكح بنية الطلاق، يلحق الضرر بالمرأة، وأوليائها، برهان ذلك الواقع، والدراسات، التي أجريت (٢)، ثم أي ضرر للمرأة أعظم، من خديعتها وغشها في نفسها؟

إن توقيت عقد النكاح، يلحق الضرر بالمرأة، ويجعلها بمثابة السلعة المستأجرة، فكيف إذا اشتمل هذا التوقيت، وانطوى على غش، وتدليس، كما في النكاح السياحي (بنية الطلاق).

ثانياً: إن هذا النكاح يدخل في باب الحيل، وأعني بالحيل، تلك التي يتوصل بها إلى أمر ممنوع شرعاً، قال ابن القيم (٣) رحمه الله تعالى، وقد قسم الحيل إلى خمسة أقسام:

"القسم الخامس: أن يقصد حل ما حرمه الشارع، أو سقوط ما أوجبه، بأن يأتي بسبب نصبه الشارع سبباً إلى أمر مباح، مقصود، فيجعله المحتال المخادع، سبباً إلى أمر محرم مقصود

اجتنابه، فهذه هي الحيلة المحرمة، التي ذمها السلف، وحرموا فعلها، وتعليمها". (٤)

فإن هذا الناكح أتى إلى عقد النكاح، الذي نصبه الشارع لأمر مباح، مقصود، (هو النكاح) فجعله سبباً إلى أمر محرم، (هو المتعة المؤقتة) والتي هي مقصودة الاجتناب، فيكون بذلك قد قصد حل ما حرمه الشارع، وقال أيضاً: وإذا نوى بالفعل التحيل على ما حرمه الله ورسوله، كان له ما نواه، فإنه قصدٌ المحرم، وفعل مقدوره في تحصيله، ولا فرق في التحيل على المحرم بين الفعل الموضوع له، وبين الفعل الموضوع لغيره، إذا جعل ذريعة له لا في عقل ولا في شرع، ولهذا لو نهى الطبيب المريض عما يؤذيه وحماه منه فتحيل على تناوله، عد متناولاً لنفس ما نهى عنه، ولهذا مسخ الله اليهود قردة لما تحيلوا على فعل ما حرمه الله، ولم يعصمهم من عقوبته إظهار الفعل المباح لما توسلوا به إلى ارتكاب محارمه


(١) انظر الوجيز في شرح القواعد الفقهية لشيخنا زيدان بتصرف ٨٥
(٢) راجع المطلب الرابع من هذا المبحث.
(٣) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ين أيوب بن سعد الزرعي، المعروف بابن القيم، قال عنه برهان الدين الزرعي: ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه. من أشهر مؤلفاته زاد المعاد في هدي خير العباد، وإعلام الموقعين، ومدارج السالكين، ومفتاح دار السعادة، ولد سنة ٦٩١ هـ، وتوفي سنة ٧١٥ هـ. انظر المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، لابن مفلح، ٢/ ٣٨٤، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، الرياض، سنة النشر ١٩٩٠ م الطبعة الأولى، بتحقيق عبد الرحمن بن سليمان العثيمين.
(٤) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان صـ ٤٥٥، تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، تحقيق وتعليق مجدي فتحي السيد، ط، دار الحديث القاهرة.

<<  <   >  >>