للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الحنفية (١): إن تحريم خمر العنب قطعي وتحريم غيره ظني غير مسلم، بل قد ثبت تحريم الخمر كتاباً وسنة، وبين الشارع مسماها أنه كل مسكر، فلا حاجة بنا إلى معرفة مما كانت الخمر عند نزول الآية بعد تسميته كل مسكر خمر، فإنه - صلى الله عليه وسلم - بين أن المراد من الآية المسكر، وأن الآية في معنى إنما المسكر والأنصاب والأزلام، ولقد عظم الخطب بين الحنفية والشافعية (٢) في هذه المسألة لاختلافهم حتى سرى الاختلاف في المذهب إلى الدعاوى على اللغة. فقال صاحب "الهداية" (٣) من الحنفية: الخمر عندنا ما اعتصر من [ماء] (٤) العنب إذا اشتد، وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم. انتهى.

وقال الخطابي (٥): زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب، فيقال لهم: إن الصحابة سمو المتخذ من غير العنب خمراً، وهم عرب فصحاء، فلو لم يكن [٢٨٨ ب] هذا الاسم صحيحاً لما أطلقوه. انتهى.

قلت: ولا يخفى أنه قد فصل الأمر الشارع بقوله: "كل مسكر خمر"، فإذا ثبت تسمية كل مسكر خمراً من الشارع كان حقيقة شرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية.

٣ - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: إِنَّ عَلَى الله عَهْدًا لمَنْ شَرِبَ السَّكَرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! وَمَا طِينَةُ الخَبَال؟ قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ".


(١) "الهداية" (٤/ ١٠٨) "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٣٧٣ - ٣٧٤).
(٢) "البيان" للعمراني (١٢/ ٥١٩).
(٣) (٤/ ١٠٨).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في أعلام الحديث (٣/ ٢٠٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>