للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى (١): هو الذي لا تعلق له بغيره، لا في ذاته ولا في صفاته، بل يكون منزهاً عن العلاقة مع الأغيار، فمن تتعلق ذاته أو صفات ذاته بأمر خارج من ذاته يتوقف عليه وجوده أو كماله، فهو فقير محتاج إلى الكسب، ولا يتصور ذلك إلا لله سبحانه، والله تعالى هو المغني، ولكن إغناؤه لا يتصور من يغنيه بفنائه غنياً مطلقاً، فإن أول أموره أنه محتاج إلى المغني فلا يكون غنياً، بل مستغنٍ عن غير الله بأن يمده ما يحتاج إليه لا أن يقطع عنه أصل الحاجة.

والمعنى الحقيقي: هو الذي لا حاجة له أصلاً، والذي يحتاج ومعه ما يحتاج إليه، فهو غني بالمجاز، فهو غاية ما يدخل تحت الإمكان في حق غير الله [مما فيه الحاجة فلا] (٢)، ولكن


= وقوله تعالى: {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].
وقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)} [الضحى: ٨].
الدليل من السنة:
ما أخرجه البخاري رقم (٢٧٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "بينا أيوب - عليه السلام - يغتسل عرياناً ... فناداه ربه - عز وجل -: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك ... ".
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٢٩٨٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك ... ".
قال الهراس في "شرح النونية" (٢/ ٧٤): ومن أسمائه الحسنى (الغني)، فله سبحانه الغنى التام المطلق من كل وجه؛ بحيث لا تشوبه شائبة فقر وحاجة أصلاً، وذلك لأن غناه وصف لازم له لا ينفك عنه؛ لأنه تقتضي ذاته، وما بالذات لا يمكن أن يزول، فيمتنع أن يكون إلا غنياً كما يمتنع أن يكون إلا جواداً محسناً براً رحيماً كريماً.
انظر: "تحفة الأحوذي" (٩/ ٣٤٣)، "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (١/ ٥٤٢).
(١) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٥٤ - ١٥٥).
(٢) كذا في (أ. ب)، وفي "المقصد الأسنى" (ص ١٥٥): "فأما فقد الحاجة فلا".
انظر: "شرح أسماء الحسنى" (٣٤٤ - ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>