للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما ورد فعلاهما: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} (١)، قال الغزالي (٢): هو الذي يؤتي الملك من يشاء ويسلبه عما يشاء، والملك الحقيقي: الخلاص عن ذل الحاجة وقهر الشهوة ووصمة الجهل، فمن كشف الحجاب عن قلبه وشاهد جمال حضرته، ورزقه القناعة حتى استغنى بها عن خلقه، وأمدّه بالقوة والتأييد حتى استولى بها على صفات نفسه، فقد أعزه وأتاه الملك عاجلاً وسيعزه في الآخرة بالتقريب ويناديه: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} (٣).

ومن مد عينيه إلى الخلق حتى احتاج إليهم، وسلط عليه الحرص حتى لم يقنع بالكفاية، واستدرجه بمكره حتى اعتز بنفسه وبقي في ظلمة الجهل، فقد أذله وسلبه الملك، وهذا غاية الذل.

فائدة: يتخلق العبد من هذين بأن يعز نفسه بالطاعة: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (٤) ولا يذلها بالمعصية (٥)، ويعزها بتعلم العلم النافع ولا يذلها بالجهل، ويعزها بالقناعة ولا يذلها بالأطماع.

قوله: "السَّمِيْع" (٦)


(١) سورة آل عمران: ٢٦.
(٢) في "المقصد الأسنى".
(٣) سورة الفجر: ٢٧ - ٣٠.
(٤) سورة فاطر: ١٠.
(٥) انظر: "شرح القشيري لأسماء الله الحسنى" (ص ١٢٦).
(٦) السمع: صفة ذاتية ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة، و"السميع" من أسمائه تعالى.
الدليل من الكتاب: =

<<  <  ج: ص:  >  >>