للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغنا في هذا العصر سنة خمس وسبعين ومائة وألف: أن صدقة رسول الله بيد أولاد الحسين - عليه السلام -[الذين (١)] حول المدينة.

واعلم أنه اشتهر بين علمائنا وأهل جهاتنا أنّ البتول - رضي الله عنها - بعد أن طلبت (٢) الميراث من أبي بكر وأجاب بما رواه من الحديث جاءت تدّعي أنه أنحلها رسول الله فدك وأتت بأمير المؤمنين علي - عليه السلام -، وبأم أيمن شاهدان لها بذلك فقال أبو بكر: رجل مع الرجل وامرأة مع المرأة، يريد توفية الشهادة، إذ لم يكمل نصابها.

وقال الإمام المهدي: وحكم أبي بكر في فدك صحيح قاله في "البحر" (٣)، إلا أني لم أجد دعوى البتول النحلة في شيء من كتب الحديث ولا يدري من رواها، ويبعدها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان حريصاً على منعها من الدنيا حتى لم يعطها خادماً يكفها الطحن والاستقاء، ثم من البعيد أن يملكها هذه الأراضي ويخفى ذلك إلا على نفرين، ثم يبعده غاية البعد أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لما ولي لخلافة لم يرد ذلك إلى أولاد فاطمة، ولا غيَّر حكم أبي بكر [٧٩ ب] ولو كان منكراً لوجب عليه الحكم بعلمه، فالله أعلم من أين جاءت هذه الرواية، ومرادنا من هذا هو المطالبة بسندها.

٢٨ - وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ فَقَالَ: "انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ"، وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلمَّا قَضَى الصَّلاَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلاَّ أَعْطَاهُ, فَجَاءَ العَبَّاسُ - رضي الله عنه -فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أَعْطِنِي فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلاً، فَقَالَ: "خُذْ"، فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: "لاَ"، قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: "لاَ"، قَالَ: فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ


(١) في (ب) الذي.
(٢) ذكره محمد بن يحيى بهران الصعدي (ت: ٥٩٥٧) في كتاب "جوهر الأخبار والآثار المستخرجة من لُجَّة البحر الزخار" (٢/ ٢١٦ - ٢١٧ - حاشية البحر الزخار).
(٣) "البحر الزخار" (٢/ ٢١٦ - ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>