للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث "لا نورث" بالنون و"صدقة" بالرفع، وأن الكلام جملتان و"ما تركنا" في موضع الرفع بالابتداء وَ"صدقة" خبره، ويؤيده وروده في بعض طرق الصحيح "ما تركنا فهو صدقة" (١) انتهى.

قلت: ولأنه لو كان كما قال من رواه بنصب "صدقة" لكان خبراً منه - صلى الله عليه وسلم -قليل الفائدة أو عديمها؛ لأنه معلوم أنه لا يأخذ الورثة من الميراث [٧٢ ب] إلا ما كان ملكاً لمورثهم لا ما كان صدقة فإنه معلوم أنه لا يورث ويكون كقوله: لا يورث ما تركناه وديعة، أو أمانة أو نحو ذلك.

قوله: "قالا" أي: علي والعباس.

"نعم" أي: نعلم أنه قال: لا نورث .. الحديث.

أقول: في هامش نسخة السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال - رحمه الله - من "جامع الأصول" ما لفظه: قالت الشيعة: هذا مشكل من وجهين أحدهما أنه لم يعرف حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده، ذكر ذلك معظم المحدثين والأصوليين، ومقتضى هذه الرواية أن عبد الرحمن ومن معه يعرفونه، والثاني أن عمر ناشد علياً والعباس هل تعلمان ذلك؟ فقالا: نعم، فإذا كانا يعلمانه فكيف جاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يطلبان الإرث منه على ما قد صححه النقلة؟

وهل يجوز أن يكون العباس يعلم ذلك ثم يطلب الإرث؟ وهل يجوز أنّ علياً يعلم ذلك ثم يمكن زوجته أن تطلب ما لا تستحقه؟ وهل نازعت أبا بكر إلا بإذنه؟ انتهى.

كتب عليه السيد الحسن ما لفظه: قلت: لا إشكال في الإشكال وقد [(٢)] الحافظ البارع الناقد عبد الرحمن بن خراش بأن يتهم مالك بن أوس بن الحدثان بوضع هذا الحديث.


(١) عن أبي بكر الصديق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نورث ما تركناه صدقة".
[أخرجه البخاري رقم (٦٧٢٦) ومسلم رقم (٥٤/ ١٧٥٩)].
(٢) في المخطوط بياض بمقدار كلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>