للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد حكيت في المسألة أقوال أخر عن أصحابنا:

قال بعضهم (١): إن حد وجوبها طلوع الشمس من يوم الفطر. وخرج بعض المتأخرين (٢) على هذا الخلاف في المسائل المذكورة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

وقال بعضهم: إنه لا خلاف فيمن مات بعد الفجر أن الزكاة عليه، وهو نصه في الكتاب (٣).

وهذا الحق؛ إذ لم ينص أحد في هذا خلافاً، ولو كان ما قاله الأول لوجد لمتقدم أو متأخر وما أغفلوه سوى هذا القائل. وإنما الخلاف فيما حدث ونشأ بعد الفجر هل يخرج إيجاباً - كما قال في "المدونة" (٤) فيمن أسلم أو ولد - أم لا يجب، أو ينتقل بنقل الملك؟ وأما أن يسقط عمن ذكرناه رأساً فلا يوجد فيه خلاف. وإنما الذي يجب أن يقال في هذا: هل الوقت من الغروب إلى الفجر موسع الوجوب فيمن أدركه لزمه فرضه، كمن أسلم آخر النهار أو الحائض تطهر فيه فعليهما الصلاة لما أدركا بقية وقته ولزمهما فرضه كذلك هنا، وإن كان الوجوب يتعين أول الوقت والخطاب يتحتم. لكن لما كان الوقت موسعاً لزم من أدركه. أو يقال: إنه غير موسع، فينقضي الوجوب بانقضائه، وعليه يأتي قوله فيمن أسلم يوم الفطر (٥): إنه


(١) انظره في الجامع: ١/ ٣٢١، وعزاها القاضي عبد الوهاب لجماعة من الأصحاب في المعونة: ١/ ٤٣٠، والإشراف: ١/ ٤١٤.
(٢) انظر التوضيح: ١/ ١٨٩.
(٣) المدونة: ١/ ٣٥٤/ ٧.
(٤) فيها: ١/ ٣٥٤/ ١: (قال مالك: فيمن أسلم بعد طلوع الفجر من يوم الفطر: يستحب له أن يؤدي زكاة الفطر ... قال: وإن ولد له يوم الفطر أو ليلة الفطر فعليه فيه الزكاة).
(٥) المدونة: ١/ ٣٥٤/ ١.