للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يلزم هذا غيره. وقال (١): ظاهر الكتاب خلافه في المسألة التي تأتي بعد هذا، وذلك قوله (٢): "لا ينبغي للرجل أن يبتدئ صلاته بالركوع، وذلك يجزئ من خلف الإِمام". نبه بعض الشيوخ (٣) أنه يدل من قوله هذا أن للمأموم أن يبتدئ صلاته بالركوع، وقال: إنه كالنص من قوله هنا، وأن المأموم بخلاف الإِمام والفذ؛ إذ إخلال المأموم بالقراءة لا يفسد صلاته، وقاس على هذا بعضهم الفذ والإمام على القول: إنه ليس فرضه (٤) القراءة في كل ركعة. واستدل بعضهم بهذا القول أن الإِمام يحمل عن المأموم تكبيرة الافتتاح، قال والقيام إنما يراد لها. وهذا على رواية ابن وهب (٥) عن مالك أن تحريم الإِمام يجزئ فيها عن المأموم، وكله خلاف المشهور وما نص عليه في كتاب محمَّد (٦) وغيره.

وكذلك اختلفوا في تأويل قوله (٧): إذا لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح أنه يتمادى ويعيد؛ فقيل (٨): معناه أنه أوقع تكبيرة الافتتاح حال القيام أيضاً، وإلا فلا يصح له التمادي. وقال غيره (٩): ذلك سواء لأنها


(١) يبدو أن القائل هو الطرف المخالف (غيره).
(٢) المدونة: ١/ ٦٤/ ٨.
(٣) هذا هو القول النظير للسابق، وهو التكبير مع الانحطاط للركوع، وهو مذهب الباجي في المنتقى: ١/ ١٤٤. وبعض الشيوخ المبهم في كلام عياض لعله ابن أبي صفرة، قال المازري: كان شيخنا أبو محمَّد عبد الحميد يحكي عن بعض الناس، وأظنه ابن أبي صفرة، أنه كان يقول: في المدونة ما هو كالنص على أن تكبيرة الإحرام ليس من شرطها القيام .. (شرح التلقين: ٢/ ٥٠٣ الرهوني: ١/ ٣٧٦).
(٤) في حاشية الرهوني: ١/ ٣٧٦: فرضهما.
(٥) هذه الرواية في سماع ابن وهب كما في التبصرة: ١/ ٢٨ ب، وذكر ابن رشد أن أشهب أيضاً روى مثل هذا، ورده بأنه شذوذ في المذهب. (المقدمات: ١/ ١٦٠).
(٦) قال في الجامع: ١/ ٨٦: وكل سهو أو عمد يحمله الإِمام عن المأموم، وإن كان التكبير كله إلا تكبيرة الإحرام، والسلام ... وانظر النوادر: ١/ ٣٤٤.
(٧) المدونة: ١/ ٦٣/ ١١.
(٨) ذكر عبد الحق هذا في النكت، وانظر المنتقى: ١/ ١٤٥.
(٩) لعل الأولى أن يقال: "وقيل".