لا يخلو أن يكون يعلم الصحيح أو لا يعلمه، فإن علمه فلا يظن به أنه كتمه مع علمه بقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَاّعِنُونَ} وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار"، وإن جهله ولم يعلمه، بطل أن يكون عنده كون أحدهما صحيحاً، وإذا بطل هذا لم يكن لذكر القولين وجه صحيح.
فإن قيل: لذلك وجوه صحيحة، منها: أن (تتكافأ) عنده (أمارتا) القولين، فيقول بهما على التخيير، والآخر أن يكون عنده الحق في أحد هذين القولين دون غيرهما من الأقوال، ولكنه ليس يترجح عنده في هذه (الحال) فأثبته لينظر في ذلك فاخترمه الموت.