الرسول صلى الله عليه وسلم دخل البيت في وقت عينه، وكنت معه لم أفارقه، ولم أغفل عن مشاهدته إلى أن خرج منه، ولم أره يصلي فيه، وأخبرنا الآخر: أنه رآه يصلي فيه، فإنا نشك هل صلى فيه أو لم يصل، ولا يجوز أن نظن (صدق) أحدهما ولا كل واحد منهما، وإنما لا يظن (كذب) أحدهما، لأن الظن: هو تغليب أحد المخبرين على الآخر، وذلك لا يحصل إلا بأمارة ترجح أحد المخبرين على الآخر وقد عدم ذلك، فإن كل واحد من المخبرين حاله في الثقة كحال الآخر، وكذلك في تجويز الخطأ عليه، وإنما لم يظن صدق كل واحد منهما لما بينا من أن الظن يحتاج إلى أمارة يرجح بها، فإذا كان في كل واحد منهما أمارة ترجحه على الآخر، (فيكون الآخر ناقصاً عنه، وهذا تناقض، لأنه يؤدي إلى أن يكون كل واحد منهما زائداً على الآخر)، وكل واحد منهما (ناقصاً) عنه، وهذا محال، فلم يبق إلا الشك ولا يجوز أن يحكم بالشك بحال.
فإن قيل: نقول: أنه يحكم بالأحوط.
(قلنا): هذا رجوع إلى قولنا، لأن الأحوط لا يظهر إلا بنوع ترجيح، فإذاً لا تخلو إحدى الأمارتين من ترجيح.
فإن قيل: نقول: إنه يحكم بالتخيير إذا تعادلت الأمارتان، كما