لا تجتمع على ضلالة" لا يتناول إلا جميع أهل العصر، لأن أكثرهم بعض الأمة.
فإن قيل: أن الأمة تقع حقيقة. على جماعة المؤمنين، وإن شذ منهم الواحد والاثنان كما يقول الإنسان: "لحيته سوداء" (وإن كان) فيها شعرات بيض، وكذلك يقول (الإنسان): رأيت أسود، وفيه بياض. ويقول: أكلت رمانة، وإن سقط منها حبات لم يأكلها.
(قلنا): لا نسلم ذلك ألا ترى أنه يجوز النفي فنقول: هؤلاء (ليسوا) كل الأمة ولا جميع أهل العصر، فإما قوله أكلت الرمانة ولحيته سوداء، ويريد معظمها، فهو مجاز لا حقيقة، أو يريد بذلك: أنها سوداء في رأي العين، وكذلك أكلت الرمانة على ما جرت العادة في الأكل، وليس ينفك في الغالب أن يسقط منها حبات، فيكون ذلك خارجاً من وضع اللغة بالعرف، وليس إذا نقل ذلك بالعرف يجب نقل غيره.
دليل آخر: أن في الصحابة رضي الله عنهم من تفرد بمسائل في الفرائض خالف عليها الجماعة ولم ينكر عليه، كتفرد ابن عباس وابن مسعود، ولو كان الإجماع انعقد دونهم. لأنكر عليهم، وكذلك الصديق رضي الله عنه خالف الصحابة في قتال مانعي الزكاة، فناظروه.