للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوية، والفرق بين شاعر وآخر هو في الجودة وصدق العبارة، فابن سحنون الذي تفرغ لخدمة الباي محمد الكبير لم ينس المدينة المنورة فأورد قصيدة طويلة في ذلك في شرحه على العقيقة (١)، وحين افتخر ابن حمادوش بأنه لم يجعل شعره في مدح الأمراء أشار إلى أنه قد جعل شعره في أغراض أخرى منها مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولكنه لم يذكر في رحلته التي بين أيدينا نموذجا

لشعره في ذلك، والغالب أن شعره النبوي لا يرقى إلى أشعار بعض معاصريه، لأن النماذج التي ساقها في أغراض أخرى ضعيفة ومكسورة، ومن أبرز شعراء المديح النبوي أحمد المقري الذي حج أكثر من خمس مرات، وألف بعض كتبه، كما أشرنا، في المدينة المنورة، بالإضافة إلى تمتعه بموهبة شعرية نادرة، وقد اطلعنا له على مجموعة من القصائد في هذا المعنى (المدائم النبوية) ما تزال مخطوطة (٢).

ولا شك أن التوسل إلى الله برسوله (صلى الله عليه وسلم) يدخل في هذا الباب، وقد شاع هذا عند المتصوفة عموما، وعند بعض الفقهاء، وحتى عند الشعراء، وللفكون في هذا الجانب عدة قصائد منها (سلاح الذليل في دفع الباغي المستطيل) و (شافية الأمراض لمن التجأ إلى الله بلا اعتراض)، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته. وللمفتي محمد بن الشاهد قصيدة في هذا المعنى:

بأسمائك الحسنى فتحت توسلي ... ومنك رجوت العفو أسمى مطالبي (٣)

كما أورد محمد بن سليمان في كتابه (كعبة الطائفين) شعرا لنفسه في


(١) (الأزهار الشقيقة) ورقة ٢٠٧.
(٢) المكتبة الملكية. الرباط، رقم ٦٧٣٥، في هذا المجموع خمس قصائد على الأقل اثنتان ميميتان، وواحدة دالية، ورابعة عينية، وخامسة حائية، وكلها قيلت بين ١٠٣٣ و ١٠٣٧، أي بعد هجرته إلى المشرق.
(٣) ضمن مجموع في مكتبة جامع البرواقية (الجزائر) رقم ٤٩، وقد كان ابن الشاهد، الذي عاش حتى أدرك الاحتلال الفرنسي، من الشعراء الكبار في غير ذلك الغرض أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>