للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائد حفيظ حاكم تلمسان العثماني وخروج الشيخ من تلمسان تماما. وقد ضيق العثمانيون على الشيخ أحمد التجاني مؤسس الطريقة التجانية، فخرج من الجزائر بأهله وبعض أتباعه وقصد المغرب مهاجرا حيث توفي. وقد أعلم السلطان أنه هرب من جور (الترك وظلمهم) (١).

ومن الصنف الثاني (أصحاب الموقف الوسط) عدد من المرابطين الذين لم يؤيدوا العثمانيين كل التأييد، ولم ينقموا عليهم كل النقمة. ومن هؤلاء الشيخ العبدلي، الذي ذكرته المصادر بأنه كان يعظ الحكام العثمانيين عندما يرى منهم ما لا يليق. فقد ذكر صاحب كتاب (كعبة الطائفين) أن سيدي العبدلي كان رجلا صالحا وأنه كان ينجد المسلمين وأهل الذمة عند ارتكاب العثمانيين في تلمسان مواقف تعسفية، وأنه كان يذهب إلى القائد العثماني محمد بن سوري في مقره يعظه ويطلب منه مطالب في صالح أهل البلاد. وتذكر بعض المصادر أن باي قسنطينة حسن بوحنك كان لا يعتقد في الأولياء وأنه كان عنيدا متمردا فلقيه المرابط الشيخ الشليحي فوقعت له معه كرامة مذكورة في مكانها، فما كان من الباي إلا أن تراجع عن موقفه من الأولياء والصالحين وأعطى للمرابط الشليحي قصرا في المكان المعروف باسم (الأربعين شريف) الذي أصبح يعرف فيما بعد باسم (دار الشليحي). كما أنشأ له الباي المذكور زاوية في أولاد عبد النور وأعفاها من الضرائب (٢).

وأمثال الباي حسن بوحنك كثير في العهد العثماني. ذلك أن العقيدة في رجال الدين، خصوصا المرابطين، كانت قوية عند العثمانيين كما أسلفنا. فالبحارة منهم كانوا يذهبون، عند خروجهم للغزو، إلى الأولياء والصالحين لنيل بركاتهم. وكانوا يطلقون من البحر عند ذهابهم وإيابهم طلقات مدفعية


= عبد الرحمن نعطها لك، فأبى) فقال له أبو مدين: (اصبر، في هذا الوقت لم نجد من يصلح لها ويتكفل بها، وسيأتي الله بالفرج). ١/ ٢٨٥.
(١) الناصري (الاستقصا) ٨/ ١٠٥، وكان خروج التجاني من الجزائر إلى المغرب نهائيا سنة ١٢١١.
(٢) أحمد المبارك (تاريخ حاضرة قسنطينة).

<<  <  ج: ص:  >  >>