يدور حولها. وقد حضر في آخرها رجال التصوف البارزون في الجزائر - أغواث وأقطاب وأوتاد، أو نوابهم. وكان من بينهم غوث من مرسيليا اسمه سيدي المرسلي الذي تحدث عن خيرات فرنسا، كما حضر رئيس الديوان الصوفي. وقد اتفق هؤلاء الأولياء على تفويض الأمر إلى الله. وتلك هي نهاية الحبكة. ومن الواضح أن الموضوع الرئيسي هو الوضع في الجزائر في آخر القرن الماضي حين سيطرت الإدارة الاستعمارية ولجأ العامة إلى طلب الخلاص من رجال الطرق الصوفية (١). وهذا الإغراق في القدرية والاستسلام كان يتماشى مع سياسة فرنسا أيضا لأنها كانت تشجع عليه بدعوى أن حكمها في الجزائر إنما هو بإرادة الله وقضائه وقدره.
١١ - الفتى، وهي قصة كتبها الشاعر الأديب رمضان حمود ونشرها في تونس. وهي تعكس أيضا جوانب من حياة مؤلفها الشاب الطموح. فهي تمثل شابا كان يعمل على إسعاد شعبه في ظروف سيطر فيها الأجنبي على بلاده. وقد أهدى رمضان حمود قصته إلى والديه بعبارات حانية. ومع ذلك قال إنه لا يقصد من القصة شخصا بعينه ولا وطنا محددا .. بدأ الحديث عن قصة محمد، ذلك الطفل الذي نشأ في إحدى قرى ميزاب، وتابع المؤلف الطفل في نموه في البيئة الصحراوية. ثم سافر الطفل إلى إحدى مدن الجزائر الشمالية، وهناك دخل المدرسة. وتدخل المؤلف ليعظ ويرشد وليذكر بعض الشعر، وليشيد بالتربية وأثرها. وبعد أن عاد الطفل إلى وطنه، سافر من جديد ودخل مدرسة فرنسية، وهكذا يظل يتردد بين مسقط رأسه والمدرسة. وانتهى به الأمر إلى الزواج ودخول ميدان الإصلاح الاجتماعي. وجاء في ذلك بحديث مسهب عن العلوم والدين والفلاحة والكفاح والتجارة. وتلك هي المرحلة الأولى من حياة (الفتى). وقد وعد رمضان حمود بالجزء الثاني
(١) عن ذلك انظر فصل الطرق الصوفية وكذلك الحركة الوطية ج ١. وعن المجالس القصصية الشعبية انظر ديبارمي (أعمال فرنسا كما يراها الأهالي) في (المجلة الجغرافية للجزائر وشمال إفريقية) SGAAN، القسم الأول، ص ١٦٧ - ١٨٨، القسم الثاني ٤١٧ - ٤٣٦.