المنطقة. وسواء قلنا أنهم أصلا من الجزائر أو من الأندلس (وضمن الأندلسيين جزائريون كثيرون أيضا) أو من افريقية أو من الساقية الحمراء، فإن ذلك لا يجعلهم أجانب حلوا بين قوم آخرين في عصر الوحدة الإسلامية والاندماج الحضاري والعرقي.
فالزوايا التعليمية حينئذ يجب النظر إليها على أنها مشروع اجتماعي جماعي اشترك فيه كل السكان وافتخروا به وساهموا في تمويله والسهر عليه، ثم وزعوا بينهم الأدوار، فكان هناك دور للجماعة (بالمعنى الإداري القديم) ودور لأهل القرية، ودور للمرابط وآخر للمعلم، ودور للأسرة، وهكذا. إنه مشروع حضاري بمعنى الكلمة. وقد شهد الباحثون الأجانب على أن سكان كل قرية كانوا يتنافسون على أن تكون زاويتهم أجمل الزوايا وأنظفها وأكثرها بياضا واتساعا، وكانوا يكرمون الضيوف ويطعمون الطلبة الغرباء بدون من ولا أذى، ويتبرعون للزوايا بسخاء دون جبر أو سلطة أو وعيد (١).
تسمى الزاوية (معمرة) في منطقة زواوة. وهناك معمرات القرآن ومعمرات الفقه، كما سنذكر. ويرجع بعضها إلى تواريخ قديمة مثل زاوية اليلولي وزاوية ابن إدريس، وزاوية شلاطة وزاوية تيزي راشد. ويرجع بعضها إلى العهد الفرنسي فقط. ونحن هنا إنما نتكلم على الزوايا (المعمرات) التي اهتمت بالتعليم وليس بالتصوف وحده.
زاوية شلاطة (آقبو):
زاوية (معمرة) شلاطة اشتهرت أيضا باسم زاوية ابن علي الشريف، وزاوية آقبو. وهي من أقدم وأشهر الزوايا العلمية في المنطقة. وقد تحدثنا عنها في جزء سابق. ونشير فقط إلى أنها فقدت بالتدرج مكانتها العلمية في العهد الفرنسي، نظرا لقبول رئيسها عندئذ، محمد السعيد بن علي الشريف، الوظيف الرسمي من الفرنسيين، فقد قلده بوجو منصب باشاغا، وكان ما يزال شابا فوقع في غرام فرنسا، إذا صح التعبير. ونسي حقوق الزاوية وتاريخ أبيه