للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أنْ يَبْلغُوا المَكَانَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، وَأتَى رَجُلٌ حَراماً خَالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أنْفَذَه، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ

ــ

لهم في مؤخر مسجده، وتقدم بسط أحوالهم في باب فضل الزهد في الدنيا (وللفقراء) من عطف العام على الخاص؛ للتعميم (فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم) ليدعوهم إلى الإِيمان ويعلموهم القرآن (فعرضوا لهم) أي: فعرض لهم عدو الله عامر بن الطفيل، فقتل حامل الكتاب حرام بن ملحان طعن في رأسه ففاض الدم بكفه، ثم نضحه على وجهه وقال: فزت ورب الكعبة واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوه وقالوا: لا نخفر أبا براء، وقد عقد لهم جواراً فاستصرخ عليهم قبائل من عصية وسليم ورعل فأجابوه، فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقاتلوهم (فقتلوهم) في معرك الحرب (قبل أن يبلغوا المكان) الذي أرادوا الوصول إليه، وهو منزل أبي براء ابن ملاعب الأسنة (فقالوا) يحتمل أنه عند إحاطة عدوهم بهم، وقد جاء ما يدل لذلك في كتب السير، فعند ابن سعد قال: لما أحيط بهم قالوا: اللهم إنا لا نجد من يبلغ رسولك منا السلام غيرك، فاقرئه منا السلام، فأخبره جبريل بذلك فقال: وعليهم السلام (اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك) لعظيم فضلك (ورضيت عنا) بإثابتك، ويحتمل أنهم قالوا ذلك وهم في حضرة الله سبحانه وتعالى، بعد أن ماتوا وظاهر كلامهم يعطيه، وعلى الأول فمعنى رضينا عنك أي: رضينا بأقضيتك، ورضيت عنا بالتوفيق للصالحات التي من أسناها الرضا بالقضاء (وأتى رجل) لم أقف على اسمه (١) (حراماً خال أنس من خلفه) أي: من ورائه (فطعنه برمح) في رأسه (حتى أنفذه) أي: نفذ منه الرمح (فقال حرام) أي: بعد أن نضح الدم على رأسه ووجهه (فزت) أي: بالشهادة التي هي سبب السعادة (ورب الكعبة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن إخوانكم قد قتلوا) أي: قتلهم العدو (وإنهم قالوا: اللهم) أي: يا الله


= وهي مكان منقطع عن المسجد مطل عليه يبيتون فيه ومنه يؤخذ جواز اتخاذ الصفة في المسجد وجواز المبيت فيه بلا كراهة وهو مذهب الشافعية والجمهور. ع.
(١) قوله: لم أقف على اسمه، انظر هذا مع قوله آنفاً: فعرض لهم عدو الله عامر ابن الطفيل فقتل حامل الكتاب حرام بن ملحان تأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>