(يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض) استفهام تثبت وتحقق للأمر (قال: نعم. قال: بخ بخ) قال المصنف: فيه لغتان سكون الخاء وكسرها منوناً، وهي كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير. اهـ وقد تقدم الكلام في معناها، وضبطها قبل وأفاد العاقولي أنها مبنية على السكون فإن وصلت حركت بالكسر، وتؤنث وربما شددت (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يحملك على قولك بخ بخ) أي: أخوفاً قلته أم رجاءً لكونك من أهلها (قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها) المنفي بلا محذوف مقدر بأعم العلل، والاستثناء مفرغ أي: لا قلت ذلك لعلة من العلل، إلا لرجاء كوني من أهلها (قال: فإنك من أهلها) هو من جملة معجزاته - صلى الله عليه وسلم - إذ أخبر عن أمر مغيب قبل كونه بأنه يكون فكان كما أخبر (فأخرج تمرات من قرنه فجعل يكل منهن) إما لقوة الجوع عليه، أو استرواحاً للنفس لسماع ذلك الخبر السار، كما هو العادة من تناول الأطعمة واللذائذ عند سماع الخبر السار (ثم قال: لئن أنا حييت) اللام فيه موطئة للقسم، وإن شرطية، وأنا مؤكد لفاعل فعل مضمر، هو وفاعله ويفسره ما بعده والتقدير، لئن حييت أنا، وذلك المضمر فعل الشرط (حتى آكل تمراتي هذه) غاية للحياة (إنها لحياة طويلة) جملة جواب القسم، واكتفى بها عن جواب الشرط لتقدم القسم عليه. قال العاقولي: ويجوز أن يكون على مذهب أهل المعاني قد قدم الضمير المنفصل؛ للاختصاص على نحو: قل لو أنتم تملكون، فكأنه وجد نفسه مختارة للحياة على الشهادة، فأنكر عليها فقال ما قال استبطاء للانتداب؛ لما ندب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله قوموا إلى جنة الخ، فعد حياته قدر ما يأكل تلك الحبات التي هي دون العشرة، كما يؤذن به جمع القلة المنكر حياة طويلة مسارعة للبر (فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رواه مسلم) مطولاً في الجهاد، ورواه أبو داود مختصراً في سننه (القرن بفتح القاف)(الراء) وبالنون (هو جعبة) بفتح فسكون (النشاب) وجمعها جعاب، مثل كلبة وكلاب.
(١) أخرجه مسلم في كتاب: الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد، (الحديث ١٤٥) .